من أدرك ركعة من الصلاة 1
سنن النسائي
أخبرنا قتيبة، عن مالك، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة»
الصَّلاةُ عِبادةٌ توقيفيَّةٌ، وقدْ حدَّد النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مواقيتَها وبيَّنَ أوَّلَ وقتِها وآخِرَه، وكيف تُدرَكُ
وفي هذا الحَديثِ بيانٌ لجانبٍ مِن تَيسيرِ شريعةِ الإسلامِ في إدراكِ الوَقتِ، حيثُ يُبيِّنُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَن أَدرَكَ مِن صَلاةِ الصُّبْحِ -وهي صَلاةُ الفَجرِ- رَكْعةً قبْلَ أنْ تَطلُعَ الشَّمسُ، وذلك إنْ كان المصَلِّي بدَأ الصلاةَ قبْلَ طُلوعِ الشمسِ وأدْرَك منها رَكعةً ثُمَّ طَلَعتِ الشَّمسُ، فَقَد صلَّى الصلاةَ كلَّها في وَقتِها أداءً، وكذلِك مَن أَدرَكَ رَكعةً مِن صَلاةِ العَصرِ قبْلَ أن تَغرُبَ الشَّمسُ، وذلك إنْ كان المصَلِّي بدَأ الرَّكعةَ قبْلَ الغُروبِ ثُمَّ وهو يُتِمُّ صَلاتَه بالثَّلاثِ الرَّكعاتِ المُتبقِّيةِ غَرَبتْ الشَّمسُ، فقد صلَّاها في وقتِها أداءً، ولم يَخرُجْ به الوقتُ، وعلى هذا فهو مدرِكٌ للفضلِ والأجرِ. والمُرادُ بالرَّكعةِ هنا الرَّكعةُ الكاملةُ، برُكوعِها وسُجودِها، والصَّلاةُ قد تُسَمَّى ركُوعًا كما سُمِّيتْ سجودًا. وقيل: إنَّ المرادَ بالرَّكعةِ في قولِه: «مَن أَدْركَ مِن الصُّبحِ رَكْعةً» حقيقةُ الرُّكوعِ لا الركعةُ الكامِلةُ، والإدراكُ إذا تَعلَّقَ به حُكمٌ في الصَّلاةِ يَستوي فيه الركعةُ وما دُونها فيُجزِئُ الإدراكُ بتكبيرةِ الإحرامِ؛ فهو إدراكُ حُرمةٍ فاستوَى فيه الركعةُ والتكبيرةُ.وهذا في حَقِّ مَن كان مَعذورًا عن إدراكِ وَقتِ الفَريضةِ في أوَّلِه، فله أنْ يُصلِّيَ في آخِرِه ويُدرِكَ أداءَ الصَّلاةِ قبْلَ الشُّروقِ وقبْلَ الغُروبِ، وإلَّا فإنَّ أفْضلَ الأعمالِ الصَّلاةُ على وقتِها.وقيل: إنَّ المُرادَ مِن الحَديثِ: أنَّ مَن كان بصِفةِ المكلَّفِينَ وأدرَكَ مِقدارَ رَكعةٍ مِن الوقتِ قبْلَ أن تَطلُعَ الشَّمسُ فقد أدرَك وُجوبَ الصُّبحِ، وإنَّما ذلك في أهلِ الأعذارِ؛ الحائضِ تَطهُرُ، والمجنونِ يُفيقُ، والنَّصرانيِّ يُسلِمُ، والصبيِّ يَحتلِمُ، وعلى هذا فهو مدرِكٌ لوُجوبِ الصَّلاةِ
وفي الحديثِ: أنَّ مَن صلَّى رَكعةً مِن الفَجرِ ثمَّ طلعَتِ الشمسُ قبْلَ أن يُتِمَّ صَلاتَه فقد أدرَكَ الوقتَ وصحَّتْ صَلاتُه أداءً، وكذلك العَصرُ