من وصل صفا

من وصل صفا

 أخبرنا عيسى بن إبراهيم بن مثرود قال: حدثنا عبد الله بن وهب، عن معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، عن كثير بن مرة، عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من وصل صفا وصله الله، ومن قطع صفا قطعه الله عز وجل»

لصَلاةِ الجَماعةِ أحكامٌ وآدابٌ خاصَّةٌ بها، ومِن ذلك

ما جاءَ في هذا الحَديثِ الذي يقولُ فيه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "أقيموا الصُّفوفَ"، أي: ساوُوها واعْدِلوها، "وحاذُوا بينَ المَناكِبِ"، أي: لِيُحاذِ مَنكِبُ كلِّ واحدٍ منكم مَنْكِبَ صاحبِه، والمَنْكِبُ: مُلْتَقى عَظْمِ العَضُدِ مع الكَتِفِ، "وسُدُّوا الخَلَلَ"، أي: سُدُّوا أيَّ فَتْحةٍ ومسافةٍ بينَ المُصلِّينَ بأنْ يُلْصَقَ كُلُّ مَنْكِبٍ بمَنْكِبِ أخيه في الصَّلاةِ في غيرِ شِدَّةٍ، "ولِينُوا بأيدي إخوانِكم"، أي: لِينوا بيَدِ مَنْ أراد أنْ يَضْبِطَ بكُم الصَّفَّ ويُسوِّيَه، فلا يتَشدَّدْ معه أو يَمْنعْه أَحَدٌ نَفْسَه أنْ يُسوِّيَ له الصَّفَّ، "ولا تَذَروا فُرُجاتٍ للشَّيطانِ"، أي: ولا تَتْرُكوا مَسافاتٍ فارغةً بينَكم وبينَ بعضٍ؛ لأنَّها مِنَ الشَّيطانِ
ثمَّ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "ومَنْ وصَلَ صَفًّا"، أي: بأنْ يَحْرِصَ على سَدِّ الفُرَجِ فيه أو عدَّلَه وسوَّاه، "وصَلَه اللهُ"، أي: ومَن وصَله اللهُ فقدْ قرَّبه إليه وغَفَر له ورَحِمَه، والوَصْلُ: ضِدُّ الهِجرانِ والقَطعِ، "ومَن قَطَع صفًّا"، أي: بأنْ كان سببًا في قَطْعِ الصَّفِّ، أو عَمِلَ فُرْجةً للشَّيطانِ، "قَطَعه اللهُ"، أي: ومَن قَطعَه اللهُ فقدْ بتَرَه وأبْعَدَه عن رحمتِه، والْوَصْلُ وَالْقَطْعُ صِفتانِ فعليَّتانِ ثابتتانِ للهِ تعالى بالسُّنَّةِ الصَّحيحةِ، على ما يَليقُ بالله عَزَّ وجَلَّ وكمالِه
وفي الحديثِ: الحثُّ على وَصْلِ الصُّفوفِ في الصَّلاةِ والمحافظةِ على استِقامَتِها، والتَّحذيرُ مِن قَطعِها، والحَذَرُ مِن اعوِجاجِها