هل يؤخذ أحد بجريرة غيره 1
سنن النسائي
أخبرني هارون بن عبد الله، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثني عبد الملك بن أبجر، عن إياد بن لقيط، عن أبي رمثة قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي فقال: «من هذا معك؟» قال: ابني، أشهد به، قال: «أما إنك لا تجني عليه، ولا يجني عليك»
من عدل اللهِ سُبحانه وتعالى أنَّه يُحاسِبُ كلَّ شخْصٍ بما يرتكِبُه من ذُنوبٍ {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]، بل كلُّ نفْسٍ مرهونَةٌ بما جنَتْ يَداها، ولا يحمِلُ إنسانٌ ذنْبَ غيرِه وإن كان أقرَبَ النَّاسِ إليهِ
وفي هذا الحَديثِ يقولُ أبو رِمْثَةَ: "انطلَقْتُ"، أي: ذهبْتُ مع أبي "نحوَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ"، أي: مُتوجِّهين إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، "ثمَّ إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم قال لِأبي: "ابنُك هذا""، أي: إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم لمَّا رَآنا سألَ أبي: "ابنُك هذا؟" "قال: إي، ورَبِّ الكعبَةِ"؛ فحلَفَ الرَّجلُ فقال: نعم ورَبِّ الكعبَةِ، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "حقًّا"، أي: إنَّ ما تَقوله صِدقٌ، قال: "أشهَدُ بهِ"، أي: أشهَدُ على ذلك قال: "فتبَسَّمَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ضاحكًا"، أي: تعجَّبَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، وظهَرَ أثَرُ هذا التَّعجُّبِ في تبسُّمِه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، "مِن ثَبْتِ شَبَهي"، أي: ثُبوتِ قوَّةِ الشَّبهِ "في أبي"، أي: شَبَهي بأبي، "ومِن حَلِفِ أبي عليَّ"، أي: إنَّ قوَّةَ هذا الشَّبَهِ تُغني عن الحَلِفِ
ثمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "أمَا إنَّه لا يَجْني عليك"، أي: لا تُؤخَذُ بجِنايتِه، ولا تُعاقَبُ بذنْبِه، "ولا تَجْني عليهِ"، أي: لا يُؤخَذُ بجِنايتِك، ولا يُعاقَبُ بذنْبِك؛ فإنَّ المذنِبَ هو الَّذي يُؤخَذُ بما فعَلَ وارتكَبَ من جِنايَةٍ، "وقرَأ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ"، أي: تَلا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم هذه الآيَةَ: {وَلَا تَزِرُ}، أي: لا تتَحمَّلُ نفْسٌ {وَازِرَةٌ}؛ ارتكبَت إثمًا {وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]؛ ذنْبَ نَفْسٍ أُخرى، والمَقصودُ: أنَّه لا يُعاقَبُ شخْصٌ بذنْبِ غيرِه، وإنَّما الَّذي يَستحِقُّ العقوبَةَ مَن فعَلَ الذَّنبَ وارتكَبَ المعصيَةَ