وقت الجمعة 3
سنن النسائي
أخبرني هارون بن عبد الله، قال: حدثني يحيى بن آدم، قال: حدثنا حسن بن عياش، قال: حدثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، قال: «كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة، ثم نرجع فنريح نواضحنا»، قلت: أية ساعة؟ قال: «زوال الشمس»
جعَلَ اللهُ تعالَى للصَّلاةِ مِيقاتًا مَعلومًا؛ فليسَ للمُسلمِ أنْ يُصلِّيَ الصَّلاةَ قبلَ وَقتِها، ولا يُؤخِّرَها عن وَقتِها إلَّا لعُذرٍ وقَعَ له
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّاسَ كانوا يُصلُّونَ معَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ -يقصِدُ صَلاةَ الجُمُعةِ، كما بيَّنَتْه رِوايةٌ أُخْرى عندَ مُسلمٍ- ثُمَّ يَرجِعونَ بعدَ انْتِهاءِ الصَّلاةِ مِنَ المسجِدِ إلى بُيوتِهم، فيَستَريحونَ ويُريحونَ نواضِحَهم، جمْعُ ناضِحٍ، وهو البَعيرُ الَّذي يُستَقى بهِ الماءُ، وقيلَ: المرادُ بالرَّواحِ الرُّجوعُ بالدَّوابِّ منَ المَرْعى
ثُمَّ أخبَرَ حَسنُ بنُ عيَّاشٍ -أحدُ رُواةِ الحَديثِ- أنَّه سأَلَ شيخَه جَعفرَ بنَ محمَّدٍ عن تلك السَّاعةِ الَّتي يُصلِّي فيها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صلاةَ الجُمُعةِ، فأخْبَرَه جَعفرٌ أنَّ وقتَ الصَّلاةِ كانَ عندَ زَوالِ الشَّمسِ، وهو الوَقتُ الَّذي تتحرَّكُ فيه الشَّمسُ من وَسَطِ السَّماءِ، ويكونُ علامةً على دُخولِ وَقتِ صَلاةِ الظُّهرِ أوِ الجُمُعةِ، ويَحتمِلُ أنَّ سُؤالَه كانَ عن وَقتِ رُجوعِهم، فتكونُ صَلاتُهم قبلَ الزَّوالِ
والحَديثُ يدُلُّ على المبالَغةِ في تَعْجيلِ صَلاةِ الجمُعةِ، وأنَّهم كانوا يؤخِّرونَ الغَداءَ والقَيلولةَ في هذا اليَومِ إلى ما بعدَ صَلاةِ الجمُعةِ؛ لأنَّهم نُدِبوا إلى التَّبْكيرِ إليها، فلوِ اشْتَغَلوا بشَيءٍ من ذلك قبلَها خافوا فَوْتَها أو فَوتَ التَّبكيرِ إليها