ومن حديث جرير بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم 2
مستند احمد
حدثنا عفان، حدثنا حماد، أخبرنا عاصم بن بهدلة، عن أبي وائل، عن جرير بن عبد الله البجلي قال: قلت: يا رسول الله، اشترط علي. فقال: «تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتصلي الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتنصح للمسلم، وتبرأ من الكافر»
جعَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ عمَلَ الطَّاعاتِ واجتِنابَ المَعاصي سبَبًا لدُخولِ الجنَّةِ والنجاةِ مِن النَّارِ
وفي هذا الحديثِ يَقولُ جَريرُ بنُ عبدِ اللهِ البَجَليُّ رضِيَ اللهُ عنه: "قلْتُ: يا رسولَ اللهِ، اشتَرِطْ عليَّ"، أي: خُذِ الشروطَ عليَّ، وذلك عندَ مُبايَعَتِه على الإسْلامِ، "فقال: تَعبُدُ اللهَ، ولا تُشرِكُ به شيئًا" وهذا هو التَّوْحيدُ للهِ عزَّ وجلَّ ونَفْيُ الشَّريكِ، "وتُصلِّي الصلاةَ المَكْتوبةَ"، فتُقيمُها في أوْقاتِها تامَّةَ الأرْكانِ والوَاجباتِ، والمُرادُ بها: صَلاةُ الفَريضةِ، وهي خَمسُ صَلَواتٍ في اليومِ واللَّيلةِ، "وتُؤدِّي الزكاةَ المَفْروضةَ" فتُخرِجُ الزكاةَ مِن مالِكَ بشُروطِها إنْ كُنْتَ غَنيًّا وتَملِكُ النِّصابَ وحال عليه الحولُ (وهو العامُ القمريُّ) كما هو الحالُ في زَكاةِ المالِ وزَكاةِ الماشيةِ وعُروضِ التِّجارةِ، أو جاءَ وقتُ الَّزكاةِ فيما لا يُشترَطُ فيه الحولُ كزكاةِ الزُّروعِ والثِّمارِ والرِّكازِ، "وتَنصَحُ للمُسلِمِ" يعني بالتَّوْجيهِ له إلى كُلِّ خيرٍ، والنُّصحُ هو تَحَرِّي كلِّ قولٍ أو فِعلٍ فيه إصْلاحٌ للمَنصوحِ، "وتَبرَأُ منَ الكافِرِ" فتَتَبرَّأُ من كلِّ كافرٍ باللهِ؛ لأنَّ كُفرَه يُنافي الإيمانَ
وقد أثَّرَ هذا المَعنى وهذه الوَصيَّةُ النبَويَّةُ في جَريرِ بنِ عبدِ اللهِ رضِيَ اللهُ عنه، وأظهَرَ مِثالًا لِمَا كانَ عليهِ الصَّحابةُ مِن قوَّةِ الإيمانِ، وكمالِ الاتِّباعِ؛ فكانَ لا يُبايعُ أحدًا إلَّا اجتَهدَ فِي بَذلِ النُّصحِ له، وهكذا يَنبغي على كُلِّ مُسلِمٍ يُؤمِنُ باللهِ ورسولِه