ومن حديث جرير بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم 52
مستند احمد
حدثنا أسود بن عامر، حدثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن عامر، عن جرير قال: «إذا أبق إلى أرض الشرك، يعني العبد، فقد حل بنفسه» وربما رفعه شريك
في هذا الحَديثِ يَقولُ جَريرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضِي اللهُ عَنه: "إذا أَبَقَ العَبدُ"، أي: إذا هرَبَ مِن سيِّدِه الَّذي يملِكُه، "إلى أرضِ الشِّركِ"، أي: إلى أرضٍ أهلُها مُشرِكونَ، "فلا ذِمَّةَ له"، أي: فلا عَهْدَ له يَحفَظُ له دَمَه، وكذلكَ تسقُطُ عنه دِيَتُه إنْ قُتِلَ، وقيل: المرادُ ذِمَّةُ اللهِ تعالى وذِمَّةُ رَسولِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وهي ضَمانتُهما وأمانتُهما ورِعايتُهما، وقيل: ذِمَّةُ الإيمانِ وعَهْدُه. وفي رِوايةٍ أُخرى: "أيُّما عَبدٍ أَبَقَ إلى أرضِ الشِّركِ، فقد حَلَّ دَمُه"، وفي أُخرى: "لَمْ تُقْبَلْ له صَلاةٌ"، وقد قيل: إنَّ رِواياتِ الحديثِ تدُلُّ على أنَّ المرادَ إذا هرَب العبدُ إلى دارِ الشِّركِ؛ بقَصْدِ اللَّحاقِ بدارِ الحربِ، وإيثارًا لدِينِهم، ولا يَخفَى أنَّه حينَئذٍ يَصيرُ كافرًا، فيَحِلُّ دَمُه، ولا تُقبَلُ له صَلاةٌ، لو فُرِضَ أنَّه صلَّاها، وقيل: إنَّ هذا الحُكمَ يَجري أيضًا على غيرِ المستحِلِّ للهروبِ، وغيرِ المُؤثِرِ لدِينِ أهلِ الشِّركِ، وهو في حُكمِ المُحارِبِ