الصلاة في الحرير
سنن النسائي
أخبرنا قتيبة وعيسى بن حماد زغبة، عن الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر قال: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فروج حرير فلبسه، ثم صلى فيه، ثم انصرف فنزعه نزعا شديدا كالكاره له، ثم قال: «لا ينبغي هذا للمتقين»
حرَّم الإسلامُ لُبْسَ الحريرِ على الرِّجالِ، وأحَلَّه للنِّساءِ، وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُطبِّقُ الأوامِرَ والنَّواهيَ على نفْسِه أوَّلًا، وعلى آلِ بَيتِه، ومَن يَليهِ مِن المسلِمينَ
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عُقْبةُ بنُ عامرٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه أُهدِيَ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَرُّوجٌ مِن حريرٍ، والمُهدِي له هو أُكَيْدِرُ أميرُ دُومةِ الجَندلِ، كما في رِوايةٍ أُخَرى في مسلمٍ، وكان أُكَيْدِرُ مُشرِكًا وأسْلَمَ بعدَ هذا، ويُقالُ: إنَّه بقِي على نَصرانيَّته، والفَرُّوجُ ثَوبٌ ضيِّقُ الكُمَّينِ والوَسَطِ، مَشقوقٌ مِن خَلْف، فلَبِسَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فصلَّى فيه، وذلك قبْلَ أن ينهى عن لُبسِ الحريرِ، فلمَّا قضَى صَلاتَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نزَعَه وخَلَعَه بشِدَّةٍ؛ لأنَّه نزَلَ عليه الوحيُ بتحريمِ الحريرِ كما في روايةِ مُسلِمٍ مِن حديثِ جابرِ بنِ عبدِ الله رَضيَ اللهُ عنهما، أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال لَمَّا نزَعَه: «نَهاني عنه جِبريلُ»، فلعلَّ هذا كان أوَّلَ النَّهيِ والتَّحريمِ، ثمَّ أخبَر أنَّه لا يَنبغي لُبسُ الحريرِ لعِبادِ اللهِ الطائعينَ؛ فبيَّنَ قَولُه هذا أنَّ ذلك كان قبْلَ التَّحريمِ؛ لأنَّ المُتَّقيَ وغيْرَه في التَّحريمِ سَواءٌ