الصلاة في الخفين
سنن النسائي
أخبرنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا خالد قال: حدثنا شعبة، عن سليمان، عن إبراهيم، عن همام قال: رأيت جريرا «بال ثم دعا بماء فتوضأ، ومسح على خفيه، ثم قام فصلى». فسئل عن ذلك فقال: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم صنع مثل هذا»
شُرِع المسحُ على الخفَّينِ تَخفيفًا وتيسيرًا على أمَّةِ الإسلامِ
وفي هذا الحديثِ يقولُ شَهْرُ بنُ حَوشَبٍ أحدُ التَّابعين: "رأيتُ جَريرَ بنَ عبدِ اللهِ توضَّأ، ومسَح على خُفَّيْهِ"، أي: عندما وصَل إلى غَسْلِ رِجلِه اكتفَى بالمسحِ على خُفَّيه، والخُفُّ: حِذاءٌ مِن جِلدٍ يَستُرُ القدَمَ، وغالبًا ما يُستَدفَأُ به، قال شهرٌ: "فقُلتُ له في ذلك"، أي: أشار له إلى المسحِ وأنَّه لم يَنزِعِ الخُفَّ ويَغسِلْ رِجْلَه، فقال جَريرٌ: "رأَيْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم توَضَّأ، فمسَح على خُفَّيه"، أي: وضَّح له أنَّ هذا كان مِن فِعلِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وأنَّه يَقتدي به. ... فقال شهرٌ: "أقَبْلَ المائدةِ أم بَعْدَ المائدةِ؟ "، أي: إنَّ مَسْحَه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم على الخُفِّ كان قَبلَ نُزولِ آيةِ الوُضوءِ الَّتي في المائدةِ أم بعدَها؟ وهي قولُه تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6]، وفي هذا إشارةٌ إلى أنَّ شهرًا كان يفهَمُ مِن تلك الآيةِ أنَّها نسَخَتْ حُكمَ المسحِ على الخُفَّينِ، قال جَريرٌ: "ما أسلَمْتُ إلَّا بعدَ المائدةِ"، أي: إلَّا بعدَ نُزولِ تلك الآيةِ، مُشيرًا بذلك إلى أنَّ المسحَ على الخُفَّينِ لم يُنسَخْ بتلك الآيةِ، وقد ورد في الرِّواياتِ الصَّحيحةِ أنَّ مُدَّةَ المسحِ على الخُفَّينِ يومٌ وليلةٌ للمُقيمِ، وثلاثةُ أيَّامٍ ولَياليهنَّ للمُسافرِ
وفي الحديثِ: حِرصُ الصَّحابةِ والتَّابعين على اتِّباعِ سُنَّةِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم
وفيه: مَشروعيَّةُ المسحِ على الخُفَّينِ في الوضوءِ