الكلام في الصلاة 6
سنن النسائي
أخبرنا الحسين بن حريث، قال: حدثنا سفيان، عن عاصم، عن أبي وائل، عن ابن مسعود، قال: كنا نسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فيرد علينا السلام حتى قدمنا من أرض الحبشة، فسلمت عليه، فلم يرد علي، فأخذني ما قرب وما بعد فجلست حتى إذا قضى الصلاة، قال: «إن الله عز وجل يحدث من أمره ما يشاء، وإنه قد أحدث من أمره أن لا يتكلم في الصلاة»
إذا وقَف المصلِّي بين يدَيِ اللهِ تعالى، فينبغي عليه أن ينشَغِلَ به سبحانَه عمَّا سِواه، ولا يَلتفِتَ إلى غيرِه
وفي هذا الحديثِ يَقولُ ابنُ مسعودٍ رَضِي اللهُ عَنْه: "كنَّا نُسلِّمُ في الصَّلاةِ"، أي: كنَّا نُلْقي السَّلامَ على المصلِّي فيَرُدُّ علينا، "ونَأمُرُ بحاجَتِنا"، أي: نَطلُبُ ممَّن حولَنا فِعلَ شيءٍ، ونحنُ في الصَّلاةِ فيَفعَلُ، "فقَدِمتُ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم وهو يُصلِّي"، أي: بعدَ رُجوعي مِن الحبَشةِ، "فسَلَّمتُ عليه، فلم يَرُدَّ علَيَّ السَّلامَ، فأخَذَني ما قَدُم وما حَدُث"، أي: جعَلتُ أفكِّرُ فيما قدَّمتُ مِن أعمالٍ وما أخَّرتُ كانت سببًا في عدَمِ ردِّ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم، "فلمَّا قَضى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم الصَّلاةَ قال: إنَّ اللهَ يُحْدِثُ مِن أمرِه ما يَشاءُ"، أي: يأمُرُ عِبادَه بما شاء، فيَمْحو ما يَشاءُ ويُثبِتُ ما يَشاءُ، "وإنَّ اللهَ جلَّ وعزَّ قد أحدَثَ مِن أمرِه ألَّا تَكلَّموا في الصَّلاةِ"، أي: أمَرَنا بعدَمِ الكلامِ أثناءَ الصَّلاةِ بعدَ أن كُنَّا نتكَلَّمُ فيها، قال: "فرَدَّ عليَّ السَّلامَ"، أي: بعدَ أن صلَّى وبيَّن له الأمرَ
وفي الحديثِ: بيانُ لبعضِ النَّسخِ الذي وقَعَ في الصَّلاةِ