باب استحباب الوضع من الدين
بطاقات دعوية
حديث عائشة، قالت: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت خصوم بالباب عالية أصواتهما، وإذا أحدهما يستوضع الآخر ويسترفقه في شيء، وهو يقول: والله لا أفعل فخرج عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أين المتألي على الله لا يفعل المعروف فقال: أنا يا رسول الله وله أي ذلك أحب
ترفق الدائن بالذي عليه الدين من أعمال المعروف التي ينبغي أن يحرص عليها كل إنسان، وألا يمتنع من تحصيل هذا المعروف، وإلى هذا المعنى يشير هذا الحديث؛ فتروي عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع صوت خصوم متنازعين على دين بباب حجرته، حتى علت وارتفعت أصواتهما من شدة المنازعة، وإذا بالمدين يطلب من الدائن أن يترك له من دينه شيئا، وأن يرفق به في الاستيفاء والمطالبة، ولكن الدائن يمتنع من الترفق له، حتى إنه ليجيبه بقوله: «والله لا أفعل»، أي: أنه لن يجيبه فيما يطلب، سواء بوضع بعض الدين عنه، أو الترفق به وهو يطالبه، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم امتناع الرجل وقسمه بالله ألا يفعل، خرج عليهما سائلا عن الحالف بقوله: «أين المتألي على الله لا يفعل المعروف؟!» والمتألي: الحالف المبالغ في اليمين، فيزجره النبي صلى الله عليه وسلم بأن ما يطلبه منه صاحبه هو من أعمال المعروف، وهو يمتنع عن تلبية ذلك، فأجاب الدائن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه هو الحالف بقوله: «أنا يا رسول الله»، ثم قال: «وله أي ذلك أحب»، أي: ولخصمي أحب الأمور إليه من الحط من رأس المال، أو الرفق به في المطالبة والإمهال
وفي الحديث: الحض على الرفق بالغريم والإحسان إليه بترك بعض الدين له
وفيه: الزجر عن الحلف على ترك فعل الخير
وفيه: توقير الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم وسرعة استجابتهم له
وفيه: سرعة فهم الصحابة لمراد الشارع، وطواعيتهم لما يشير إليه، وحرصهم على فعل الخير
وفيه: الصفح عما يجري بين المتخاصمين من اللغط ورفع الصوت عند الحاكم
وفيه: مشروعية سؤال المديون من المدين الحط من دينه
وفيه: الشفاعة إلى أصحاب الحقوق وقبول الشفاعة في الخير
وفيه: مشروعية تدخل الحاكم للصلح بين الناس