باب الاعتماد على الأرض عند النهوض
سنن النسائي
أخبرنا محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الوهاب، قال: حدثنا خالد، عن أبي قلابة، قال: كان مالك بن الحويرث يأتينا فيقول: ألا أحدثكم عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيصلي في غير وقت الصلاة «فإذا رفع رأسه من السجدة الثانية في أول الركعة استوى قاعدا، ثم قام فاعتمد على الأرض»
الصَّلاةُ عِمادُ الدِّينِ، وقد علَّمَنا النَّبيُّ الكريمُ صلَّى الله عليه وسلَّم كيفيَّتَها وهيئاتِها، وقد نقَل الصَّحابةُ الكِرامُ كلَّ أوصافِ صَلاتِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وعَلَّموا الأمَّةَ مِن بَعدِهم هذه الصِّفاتِ
وفي هذا الحديثِ أنَّ الصَّحابيَّ الجليلَ مالكَ بنَ الحُوَيرِثِ كان يَأْتي بَعضَ أصحابِه أو تلاميذِه فيقولُ لهم: "ألَا أُحدِّثُكم عن صلاةِ رَسولِ اللهِ"؟ أي: عن كيفيتها، "فيُصلِّي في غَيرِ وقتِ الصَّلاةِ"، أي: كان مالِكُ بنُ الحُوَيرِثِ يقومُ لتَعليمِهم صِفةَ صلاةِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بصَلاةِ تَطوُّعٍ بقَصْدِ التعليمِ، ليسَتْ بفَرْضٍ ولا نافلةٍ، كما في رِوايةِ البُخاريِّ: "إنِّي لأُصلِّي بكم وما أُريدُ الصَّلاةَ"
ثم وصَف صلاتَه، فقال: "فإذا رفَع رأسَه مِن السَّجدةِ الثَّانيةِ في أوَّلِ الرَّكعةِ استَوى قاعدًا"، أي: جلَس جَلْسةً خَفيفةً بعد الانتهاءِ مِن السُّجودِ الثَّاني في الرَّكعةِ الأُولى، وهي التي تُسمَّى جِلسةَ الاستِراحةِ؛ قيل: إنَّ تلك الجِلسةَ هي إتمامٌ للرَّكعةِ، وقد قيل: إنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم فعَلَها لعارضٍ؛ إمَّا لكِبَرٍ أو مَرَضٍ، وقيل: بل هي مقصودةٌ في الصلاةِ ولكنَّها خفيفةٌ، "ثمَّ قام فاعتَمَد على الأرضِ"، أي: قام واقِفًا للرَّكعةِ الثَّانيةِ وهو وُقوفُه يَستنِدُ على الأرضِ بيدَيه
وفي الحَديثِ: بيانُ حِرْصِ الصَّحابةِ على تَعليمِ الأمَّةِ ما تَعلَّموه وما رأَوْه مِن النَّبيِّ الكريمِ صلَّى الله عليه وسلَّم
وفيه: مشروعيَّةُ جِلسةِ الاستراحةِ، وهي جِلسةٌ خَفيفةٌ بعدَ الانتِهاءِ مِن السُّجودِ الثَّاني في الرَّكعةِ الوِتريَّة
وفيه: مَشروعيَّةُ الاعتمادِ على اليَدَينِ عندَ القيامِ مِن السُّجودِ