باب الدباء1
سنن ابن ماجه
حدثنا أحمد بن منيع، أخبرنا عبيدة بن حميد، عن حميد
عن أنس، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحب القرع (1)
لقدْ أحَبَّ الصَّحابةُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حُبًّا شَديدًا، فالْتَفُّوا حَولَه، وسارَعوا في مَرضاتِه، وسارُوا على هَدْيِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفي هذا الحَديثِ يَحْكي أنَسُ بنُ مالِكٍ رضِيَ اللهُ عنه أنَّ خيَّاطًا دَعا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لِطَعامٍ صَنَعه له، فَذَهَبَ مَعَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى ذلكَ الطَّعامِ، فَقَرَّبَ الخَيَّاطُ إلَى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خُبْزًا مِن شَعيرٍ ومَرَقًا فيه «دُبَّاءٌ» -وهو القَرْعُ- «وقَدِيْدٌ» وهو اللَّحْمُ المُجَفَّفُ بالشَّمسِ، فرَأى أنسٌ رضِيَ اللهُ عنه النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِن حَوالَي القَصعةِ؛ لأنها كانت تُعجِبُه، ويترُكُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم القَدِيدَ؛ إذ كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا يَشتهيه حينَئذٍ، وإنما ترك صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الأكلَ مِمَّا يليه؛ لأنَّه عَلِمَ أنَّ أحدًا لا يَكرَهُ منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، بل كان أنسٌ يُقَرِّبُه ويُدْنيه لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ويضعُه أمامه.
قال أنسٌ رضِيَ اللهُ عنه: فَلَم أزَل أُحِبُّ الدُّبَّاء -يعني: أكْلَها- مِن يَومِئِذٍ. وما ذلك من أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه إلَّا اقتداءً وحُبًّا لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفي الحَديثِ: أنَّ من يأكُلُ لأهلِه وجُلَسائِه يأكُلُ ما يشتهيه حيث رآه في الإناءِ، إذا عَلِمَ أنَّ من يأكُلُ معه لا يَكرَهُ ذلك، وإلَّا فلا يتجاوَزْ ما يليه.
وفيه: فضيلةُ أنس ِبنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه بحُبِّه لِرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وحِرْصِه على الاقتداءِ به صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.