باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألفهم
بطاقات دعوية
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قدم طفيل بن عمر والدوسي وأصحابه على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: يا رسول الله! إن دوسا [قد 7/ 165] عصت وأبت، فادع الله عليها، فقيل: هلكت دوس (وفي رواية: فظن الناس أنه يدعو عليهم 165/ 7)؛ قال: "اللهم! اهد دوسا، وأت بهم"
أُرسِلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَحمةً لِلعالَمينَ، فكانَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحِبُّ دُخولَ النَّاسِ جَميعًا في الإسلامِ، وكانَ لا يَعجَلُ بالدُّعاءِ عليهم ما دامَ يَطمَعُ في إجابَتِهم إلى الإسلامِ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ طُفَيلَ بنَ عَمرٍو الدَّوسِيَّ رَضيَ اللهُ عنه جاءَ مع بَعضِ أصحابِه إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالمَدينةِ، فقالوا لِلنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ دَوسًا -وهي إحدى قَبائِلِ العَرَبِ- عَصَتْ وأبَتْ، أي: رَفَضتِ الدُّخولَ في الإسلامِ، فادْعُ اللهَ عليهم، فلَمَّا سَمِعَ الحاضِرونَ ذلك قالوا: هَلَكتْ دَوسٌ؛ لِأنَّهم ظَنُّوا أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سيَدعو عليهم، فيَستَجيبُ اللهُ له، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «اللَّهُمَّ اهْدِ دَوسًا»، أي: إلى الإسلامِ، «وائْتِ بهم»، أي: مُهاجِرينَ إلى المَدينةِ، وهذا مِن كَمالِ خُلُقِه العَظيمِ، ورَحمَتِه ورَأفَتِه بأُمَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، جَزاهُ اللهُ عَنَّا أفضَلَ ما جَزى نَبيًّا عن أُمَّتِه، وأمَّا دُعاؤُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على بَعضِ المُشرِكينَ فذلك حيث لا يَرْجو نَفعَهم، ويَخشى ضَرَرَهم وشَوكَتَهم، وآذَوُا المُسلِمينَ أشَدَّ إيذاءٍ.
وقد تَحقَّقَ ذلك، وأسلَمَتْ قَبيلةُ دَوسٍ؛ فقد وَرَدَ عِندَ البَيهَقيِّ في دَلائِلِ النُّبُوَّةِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمَرَ الطُّفَيلَ بالرُّجوعِ إلى قَومِه ودَعوَتِهم إلى اللهِ، والتَّرفُّقِ بهم، ففَعَلَ حتَّى قَدِمَ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بخَيبَرَ ونَزَلَ المَدينةَ بسَبعينَ بَيتًا، أو ثَمانينَ بَيتًا مِن دَوسٍ.
وفي الحَديثِ: دَليلٌ مِن دَلائِلِ نُبُوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.