باب الكافر يقتل المسلم، ثم يسلم، فيسدد بعد ويقتل
بطاقات دعوية
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتيت (وفي رواية: 451 - بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبان على سرية من المدينة قبل نجد، قال أبو هريرة: فقدم أبان وأصحابه على 5/ 82)
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بخيبر بعد ما افتتحوها، [وإن حزم خيلهم لليف]، [فسلم عليه]، فقلت: يا رسول الله! أسهم لي (وفي رواية: لا تقسم لهم) (13)، فقال بعض بني سعيد
ابن العاص: لا تسهم له يا رسول الله! فقال أبو هريرة: هذا قاتل ابن قوقل، فقال [أبان] بن سعيد بن العاص: واعجبا لوبر (14) تدلى علينا من قدوم [إلـ] ضأن، (وفي رواية: ضال) (15)! ينعى على قتل رجل مسلم أكرمه الله على يدي، ولم يهني على يديه! قال: فلا أدري أسهم له أم لم يسهم؟
(وفي رواية: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا أبان! اجلس"، فلم يقسم لهم.
قال أبو عبد الله: (الضال): السدر
اللهُ عَزَّ وجَلَّ واسِعُ الرَّحمةِ، جَزيلُ العَطاءِ لِمَن آمَنَ وعَمِلَ صالِحًا، فمهْما بَلَغتْ ذُنوبُ العَبدِ وكَثُرتْ خَطاياهُ، ثمَّ تابَ وأنابَ إلى اللهِ؛ تابَ اللهُ عليه، وقَبِلَه وأجْزَلَ له المَثوبةَ.
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه جاء إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُسلِمًا مُهاجِرًا مِنَ اليَمَنِ بعْدَ فَتْحِ خَيبَرَ قَبلَ أنْ يَرجِعَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى المَدينةِ -وكانَتْ غَزوةُ خَيبَرَ في السَّنةِ السَّابِعةِ مِنَ الهِجرةِ بَينَ المُسلِمينَ واليَهودِ، وكان يَسكُنُها اليَهودُ، وهي على بُعدِ (153) كيلومِترًا تَقريبًا مِنَ المَدينةِ، مِن جِهةِ الشَّامِ- وطَلَبَ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُعطِيَه نَصيبًا مِن غَنيمةِ خَيبَرَ، فقال بَعضُ بَني سَعيدِ بنِ العاصِ -وهو أبانُ بنُ سَعيدٍ رَضيَ اللهُ عنه- لِلنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «لا تُسْهِمْ له يا رَسولَ اللَّهِ»، أي: لا تُعْطِه شَيئًا مِن الغَنائمِ، فقال أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه -رَدًّا على أبانَ بنِ سَعيدٍ-: «هذا قاتِلُ ابنِ قَوْقَلٍ»، وابنُ قَوْقَلٍ اسمُه النُّعمانُ بنُ مالِكِ بنِ ثَعلَبةَ رَضيَ اللهُ عنه، رَجُلٌ مُسلِمٌ، قَتَلَه أبانُ رَضيَ اللهُ عنه حِين كان أبانُ كافِرًا، فلَمَّا سَمِعَ أبانُ بنُ سَعيدٍ ذلك، وَقَعَ في أبي هُرَيرةَ -رِضوانُ اللهِ على الصَّحابةِ أجمَعينَ- وقال: «واعَجَبًا لِوَبْرٍ»، شَبَّهَ أبا هُرَيرةَ بالوَبْرِ، وهو حَيوانٌ صَغيرٌ يُشبِهُ القِطَّةَ، وقيلَ: إنَّ مَعناها: الذي لا مِقدارَ له؛ لأنَّه لم يَكُنْ لأبي هُرَيرةَ عَشيرةٌ ولا قَومٌ يَمتَنِعُ بهم، وأنَّه تَدَلَّى عليهم مِن «قُدومِ ضَأنٍ»، أي: نَزَلَ عليهم إلى المَدينةِ مع النَّازِلينَ مِن ضَأنٍ، وهي أرضُ دَوْسٍ، ومَوطِنُ أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه. ومَعنى قولِ أبانَ: «يَنْعى علَيَّ قَتْلَ رَجُلٍ مُسلِمٍ، أكرَمَه اللهُ على يَدَيَّ، ولم يُهِنِّي على يَدَيْه»، أي: يَعِيبُ علَيَّ قَتْلَ رَجُلٍ مُسلِمٍ أكرَمَه اللهُ عزَّ وجلَّ بالشَّهادةِ على يَدَيَّ، ولم يُقَدِّرْ مَوْتي كافِرًا على يَدَيْه، فأدخُلَ النَّارَ، وقد عاشَ أبانُ حتى تابَ وأسلَمَ قبْلَ خَيبَرَ وبعْدَ الحُدَيبيةِ.
قال أحدُ رُواةِ الحديثِ: فلا أدْري أسْهَمَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِأبي هُرَيرةَ أمْ لمْ يُسهِمْ له.
وفي الحديثِ: أنَّ الإسلامَ يَمْحو ما سَلَف قبْلَه مِن الذُّنوبِ.