باب الشرب قائما
بطاقات دعوية
عن على - رضي الله عنه - أنه صلى الظهر ثم قعد فى حوائج الناس فى [باب] رحبة الكوفة، حتى حضرت صلاة العصر، ثم أتى بماء فشرب، وغسل وجهه ويديه، وذكر رأسه ورجليه، ثم قام فشرب فضله وهو قائم، ثم قال: إن ناسا يكرهون الشرب قائما، وإن النبي - صلى الله عليه وسلم - صنع مثل ما صنعت (5).
كان الصَّحابةُ الكرامُ يُعَلِّمون أتباعَهم الدِّينَ، ويُصَوِّبون ما يرونه من الأمورِ والتصَوُّراتِ الخاطئةِ.
وفي هذا الحديثِ يروي التابعيُّ النَّزَّالُ بنُ سَبْرَةَ أنَّ عليَّ بنَ أبي طالبٍ رضِيَ الله عنه لَمَّا كان خليفةً للمُسلِمين أتى على بابِ الرَّحَبَةِ -والمقصودُ رَحَبةُ مَسجدِ الكوفةِ، وهي المكانُ المتَّسِعُ في المسجدِ- وكان مِن عادةِ علِيٍّ رَضِيَ اللهُ عنه الجلوسُ فيه، ووعْظُ النَّاسِ، وقَضاءُ حَوائجِهم، وكان يَجلِسُ على تلك الحالِ حتَّى وقْتِ العصرِ، ثم إنَّه وهو على هذه الحالِ شَرِب قائمًا، وأخبرهم أنَّ بَعضَ النَّاسِ يَستنكِرون أن يَشرَبَ الإنسانُ قائمًا، وأنَّه رأى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَشرَبُ قائمًا.
وورَدَ في الجمعِ بيْن أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَشرَبُ قاعدًا وأنَّه نهَى عن الشُّربِ قائمًا: أنَّ النَّهيَ نَهْيُ تَنزيهٍ، لا نَهْيُ تَحريمٍ، وقد فعَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الأمرَينِ؛ للدَّلالةِ على أنَّ الأمْرَ في ذلك واسِعٌ، وذلك يكونُ بحَسَبِ حالِ الإنسانِ؛ فإذا احتاجَ أنْ يَأكُلَ قائمًا أو أنْ يَشرَبَ قائِمًا، فلا حرَجَ، وإنْ قعَدَ فهو الأفضَلُ.
وفي الحديثِ: توضيحُ الإمامِ والحاكمِ للنَّاسِ ما أشكل عليهم.
وفيه: إشهارُ تصويبِ الخطأِ بين النَّاسِ.