باب الصلاة بعد الجمعة
حدثنا محمد بن عبيد، وسليمان بن داود، المعنى، قالا: حدثنا حماد بن زيد، حدثنا أيوب، عن نافع، أن ابن عمر رأى رجلا يصلي ركعتين يوم الجمعة في مقامه، فدفعه، وقال: أتصلي الجمعة أربعا؟ وكان عبد الله يصلي يوم الجمعة ركعتين في بيته، ويقول: «هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم»
كان الصحابة رضوان الله عليهم يتحسسون هدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنته ويتبعونها، وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما من أشدهم بحثا وسؤالا وتطبيقا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم
وفي هذا الحديث يقول نافع مولى عبد الله بن عمر: "سمع ابن عمر مزمارا"، أي: سمع صوت مزمار مما يعزف ويصفر به من آلات الطرب، وقيل المراد بالمزمار: هو سماعه لصوت صفارة الرعاة، "فوضع إصبعيه على أذنيه"؛ وذلك حتى لا يسمع صوت المزمار، "ونأى"، أي: ابتعد "عن الطريق"، أي: الذي يعزف فيه
وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لنافع مولاه: "يا نافع، هل تسمع شيئا؟"، أي: من صوت المزمار؛ وذلك حتى يرفع إصبعيه عن أذنيه. فقال له نافع: "لا"، ويحتمل أن قول نافع "لا" إنما كان إشارة.
قال: "فرفع"، أي: ابن عمر، "إصبعيه من أذنيه"، وقال: "كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم، فسمع مثل هذا! فصنع مثل هذا"، أي: إن فعلي كان بمثل فعل النبي صلى الله عليه وسلم واتباعا له في مثل هذا الموقف
وقيل: إنما لم ينه ابن عمر نافعا عن سماع المزمار أو لم يأمره بوضع إصبعيه على أذنيه كما فعل؛ لاحتمال صغره
وفي الحديث: الزجر عن العزف على المزمار، والابتعاد عن سماعه