باب الحد فى الخمر

باب الحد فى الخمر

حدثنا محمد بن داود بن أبى ناجية الإسكندرانى حدثنا ابن وهب أخبرنى يحيى بن أيوب وحيوة بن شريح وابن لهيعة عن ابن الهاد بإسناده ومعناه قال فيه بعد الضرب ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه « بكتوه ». فأقبلوا عليه يقولون ما اتقيت الله ما خشيت الله وما استحيت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم أرسلوه وقال فى آخره « ولكن قولوا اللهم اغفر له اللهم ارحمه ». وبعضهم يزيد الكلمة ونحوها.

فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « لا تقولوا هكذا لا تعينوا عليه الشيطان ».

الخَمْرُ أُمُّ الخبائثِ، وهي مِن كبائرِ الذُّنوبِ؛ ولهذا جعَلَ اللهُ لها حَدًّا في الدُّنيا، وعُقوبةً في الآخِرةِ، ومع هذا فقدْ فَتَحَ لشاربِ الخَمْرِ بابِ التَّوبةِ، وجعَلَ إقامةَ الحَدِّ تكفيرًا له
وفي هذا الحديثِ أنَّ الصَّحابةَ رضِيَ اللهُ عنهم جاؤوا إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم برجُلٍ شرِبَ الخَمْرَ، وقدْ أقاموا عليه الحَدَّ، قال لهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «بَكِّتوه»، والتَّبْكيتُ هو التَّوبيخُ والتَّعْييرُ باللِّسانِ، فأقبَل عليه الصَّحابةُ يُوبِّخونَه؛ استجابةً لرسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ يقولون له: ما اتَّقَيْتَ اللهَ، ما خَشِيتَ اللهَ! أي: ما خِفْتَ عُقوبتَه، وما اسْتَحْيَيْتَ من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، أي: مِن تَرْكِ اتِّباعِه، ثمَّ أرسَلوه، أي: تَرَكوا الشَّارِبَ
ولَمَّا سمِعَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعضَهم يقول للشَّارِبِ: أَخْزاكَ اللهُ، نهاهم؛ لئلَّا يُعينوا عليه الشَّيطانَ، وحتَّى لا يَيئسَ من رحمةِ اللهِ، فقال في آخِرِه إرشادًا لأصحابه: «ولكنْ قولوا: اللَّهمَّ اغفِرْ له، اللَّهمَّ ارحمْه»، أي: اغفِرْ له في الدُّنيا، وارحمْه في الآخرةِ، وقد كان مِن عادةِ رسولِ اللهِ أنَّه لا يَدْعو على مَنْ أُقِيمَ عليه الحَدُّ؛ لأنَّ الحَدَّ قد طَهَّرَه من ذَنْبِه، كما نَهى عن مِثْلِ ذلك في حديثِ رَجْمِ الغامديَّةِ وغيرِها
وكان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يَضرِبُ على الخَمْرِ، فَتُوُفِّيَ على ذلك، ثمَّ جَلَدَ أبو بَكْرٍ في الخَمْرِ أَربعين، ثمَّ جَلَدَ عُمَرُ في الخَمْرِ أربعين صَدْرًا من إمارَتِه، ثمَّ جلَدَ ثمانِينَ وأَربعينَ، ثمَّ أَثْبَتَ معاويةُ الحَدَّ ثَمانِينَ