باب الفتن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم11
سنن الترمذى
حدثنا محمود بن غيلان قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا شعبة، عن سماك بن حرب، قال: سمعت عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود يحدث، عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنكم منصورون ومصيبون ومفتوح لكم، فمن أدرك ذلك منكم فليتق الله وليأمر بالمعروف ولينه عن المنكر، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار»: هذا حديث حسن صحيح
اهتمَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بمُتابَعةِ الوَصايا لأصحابِه رَضِي اللهُ عَنهم؛ حتَّى يُوصِّلَهم إلى رِضا اللهِ عزَّ وجلَّ ويُبعِدَهم عن سَخطِه وعقابِه، ولِيَفوزوا بالدُّنيا والآخِرةِ، وفي هذا الحديثِ بعضُ تلك الوَصايا، وفيه يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "إنَّكم"، أي: أيُّها المؤمِنون- أصحابَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم- "مَنْصورون"، أي: مُنتصِرون على الأعداءِ وفائِزون وغالِبون، "ومُصيبون"، أي: وسوف تُصيبون مِن الغنائمِ وتَغنَمون، "ومفتوحٌ لكم"، أي: وسوف تَفتَحون البلادَ وتتَّسِعُ رُقْعةُ الإسلامِ على أيديكم، "فمَن أدرَك ذلك منكم"، أي: فمَن عاش إلى أن يَرى ذلك بعَينِه ويُعايِشَه ويُعايِنَه، وولَّاه اللهُ وِلايةً أو أمَّره إمارةً، "فلْيتَّقِ اللهَ"، أي: بالخوفِ منه ومُراقَبتِه فيما أُوتِيَ وفيما فتَح اللهُ له، "وَلْيأمُرْ بالمعروفِ"، أي: وليَأمُرْ بطاعةِ اللهِ وفيما يُرْضي اللهَ فيما ولَّاه وأمَّره، "وَلْيَنْه عن المنكَرِ"، أي: حيث مكَّنه اللهُ وفيما ولَّاه.
ثُمَّ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "ومَن يَكذِبْ عليَّ مُتعمِّدًا"، أي: ومَن كذَب على النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بأن يَنسُبَ إليه قولًا لم يَقُلْه أو فعلًا لم يَفعَلْه، "فَلْيتبوَّأْ مَقعَدَه مِن النَّارِ"، أي: فَلْيستَعِدَّ وليتجَهَّزْ أن يَجلِسَ في جَهنَّمَ حيثُ أُعِدَّ له مَجلِسُه ومكانُه، والكذبُ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ليس كالكذبِ على أحدِ الناسِ، بل هو مِن أعظمِ أنواعِ الكَذِبِ.
وفي الحديثِ: الحثُّ على تقوى اللهِ عزَّ وجلَّ، والأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عن المنكِرِ.
وفيه: التَّحذيرُ الشَّديدُ مِن الكذبِ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم.