باب المناقب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم14
سنن الترمذى
حدثنا العباس العنبري، والحسين بن مهدي البصري، قالا: حدثنا عبد الرزاق، عن ابن جريج، قال: أخبرت عن ابن شهاب الزهري، عن عروة، عن عائشة، وقال: الحسين بن مهدي، في حديثه: ابن جريج، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، «أن النبي صلى الله عليه وسلم مات وهو ابن ثلاث وستين»: «هذا حديث حسن صحيح» وقد رواه ابن أخي الزهري، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، مثل هذا
رافَقَ الصَّحابةُ رِضْوانُ اللهِ عليهم رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ منذُ أنْ نزَلَ عليه الوَحيُ، وحتَّى أتمَّ اللهُ عليه النِّعمةَ، وبلَّغَ الرِّسالةَ كما أمَرَه اللهُ عزَّ وجلَّ، وسجَّلوا عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كلَّ ما يَتعلَّقُ بالنُّبوَّةِ والرِّسالةِ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُنزِلَ عليه الوَحيُ، وبعَثَه اللهُ رَسولًا وهو ابنُ أرْبَعينَ سَنةً، فظَلَّ بمكَّةَ ثَلاثَ عَشْرةَ سَنةً يَنزِلُ إليه الوَحيُ، يَدْعو النَّاسَ إلى الإسْلامِ، فاشتَدَّ عليه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وعلى المُسلِمينَ معَه الأذَى مِن أهْلِ مكَّةَ، وضَيَّقوا عليه، ومَنَعوه، فأمَرَ اللهُ عزَّ وجلَّ نَبيَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالهِجْرةِ مِن مكَّةَ إلى المَدينةِ، ومكَث بها عَشْرَ سِنينَ، انتَشَرَ منها الإسْلامُ دَعوةً وفَتحًا، ثمَّ تُوفِّيَ بها صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو ابنُ ثَلاثٍ وستِّينَ سنَةً، وذلك في يومِ الاثنَينِ مِن شَهرِ رَبيعٍ الأوَّلِ سَنةَ إحدى عشرة مِن الهِجْرةِ.
وممَّا قيلَ في الحِكْمةِ مِن نُزولِ الوَحيِ بعْدَ أرْبَعينَ سَنةً: أنَّها مَرحَلةُ النُّضجِ، وكَمالِ العَقلِ، وحُصولِ التَّجْرِبةِ في الحَياةِ ومُعامَلةِ النَّاسِ.