باب جامع الدعوات عن النبي صلى الله عليه وسلم6
سنن الترمذى
حدثنا عبد الله بن معاوية الجمحي قال: حدثنا صالح المري، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه»: «هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه» سمعت عباسا العنبري يقول: اكتبوا عن عبد الله بن معاوية الجمحي فإنه ثقة
للدُّعاءِ آدابٌ يَنبَغي للمُسلِمِ تَعلُّمُها، والعَملُ بها؛ حتَّى يَعبُدَ اللهَ على بَصيرةٍ، ويُستَجابَ له، وخُضوعُ القَلبِ للهِ مِن أهمِّ أسْبابِ اسْتِجابةِ الدُّعاءِ.
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «القُلوبُ أوْعيةٌ»، فهي مِثلُ الأواني تَستَوعِبُ ما يُوضَعُ فيها مِن الاعْتِقاداتِ والأفْكارِ، وتَحفَظُ ما اسْتُودِعَ فيها، «وبعضُها مِن بعضٍ»، وفي رِوايةٍ لأحمَدَ: «وبعضُها أوْعى مِن بعضٍ»؛ أي: أحفَظُها للخَيرِ مِن غَيرِها، ثمَّ أرشَدَهمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى أدَبٍ من آدابِ دُعاءِ اللهِ تعالَى، وأنَّهم إذا دعَوُا اللهَ وسَأَلوه فيَنبَغي أنْ يَسأَلوه وهمْ مُعتَقِدونَ استِجابةَ اللهِ لهم، وقيلَ: كُونوا عندَ الدُّعاءِ في حالٍ تَستَحِقُّونَ به الإجابةَ؛ مِن قِيامٍ بالطَّاعاتِ واجْتِنابٍ للمَعاصي، وحُضورِ القَلبِ أثْناءَ الدُّعاءِ، واغْتِنامِ أوْقاتٍ أرْجى في الإجابةِ، ونَحوِ ذلك، فإذا كان العَبدُ الدَّاعي كذلك أيقَنَ بإجابةِ دَعوتِه؛ لأنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ وعَد بإجابةِ مَن دَعاه، وهذه شَرائطُ مَن يُجيبُ دُعاءَه، ومَن أتى بها، فاللهُ مُنجِزٌ له وعْدَه، واللهُ لا يُخلِفُ الميعادَ.
ثمَّ أخبَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ اللهَ لا يَستَجيبُ الدُّعاءَ ممَّن قَلبُه مُعرِضٌ عنه، مُنشَغِلٌ بغَيرِ اللهِ سُبحانَه وتعالَى، أو لا يَعتَقِدُ أنَّ اللهَ سيَستَجيبُ له، فهذا القَلبُ غافلٌ عنِ المَعاني الواجِبةِ للهِ عندَ الدُّعاءِ.
وفي الحَديثِ: بَيانُ آدابِ الدُّعاءِ وشَرائطِ قَبولِه.
وفيه: الحَثُّ على إخْلاصِ القَلبِ للهِ في الدُّعاءِ.