باب حمل النساء القرب إلى الناس في الغزو
بطاقات دعوية
عن ثعلبة بن أبي مالك قال: إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قسم مروطا بين نساء من نساء المدينة، فبقي مرط جيد، فقال له بعض من عنده:
يا أمير المؤمنين! أعط هذا ابنة رسول الله- صلى الله عليه وسلم - التي عندك- يريدون: أم كلثوم بنت علي - فقال عمر: أم سليط أحق [به منها 5/ 37]- وأبم سليط من نساء الأنصار؛ ممن بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال عمر: فإنها كانت تزفر لنا القرب يوم أحد.
قال أبو عبد الله: (تزفر): تخيط (34)
فَضَّلَ اللهُ تعالَى السَّابِقينَ الأوَّلينَ في الإسلامِ، وخَصَّهم بالمَنازِلِ العُليَا في الجَنَّةِ؛ لِأنَّ هؤلاء النَّفَرَ هُم مَن أقامَ اللهُ بهم هذا الدِّينَ، ولَمَّا كان الفاروقُ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه أعرَفَ الناسِ بحَقِّهم، فَضَّلهم على مَن سِوَاهم في العَطاءِ.
وفي هذا الحَديثِ يَروي ثَعلَبةُ بنُ أبي مالِكٍ القُرَظيُّ -مُختَلَفٌ في صُحبَتِه- أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه قَسَمَ مُروطًا بيْنَ نِساءِ المَدينةِ، والمُرُوطُ: الثِّيَابُ مِنَ الصُّوفِ أوِ الحَرِيرِ، وقدْ بَقِىَ منها مِرْطٌ، فقال له بَعضُ مَن كان عِندَه: أعْطِ هذا ابنةَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ التي عِندَكَ، ويُريدُ بها: أُمَّ كُلثُومٍ ابنةَ علِيِّ بنِ أبي طالِبٍ، وإنَّما نَسَبوها إلى رَسولِ اللهِ؛ لأنَّها ابنةُ فاطِمةَ بِنتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ورَضيَ اللهُ عنها، وكانَتْ فاطِمةُ قد وَلَدتْ لِعلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ رَضيَ اللهُ عنه الحَسَنَ والحُسَينَ وزَينَبَ وأُمَّ كُلثومٍ رَضيَ اللهُ عنهم، وتزَوَّجَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه أُمَّ كُلثومٍ. فقال عُمَرُ رَضيَ اللهُ عنه: «أُمُّ سَلِيطٍ أحَقُّ»، وهي: أُمُّ قَيسٍ بِنتُ عُبَيدِ بنِ زِيادٍ رَضيَ اللهُ عنها، وهي امرأةٌ مِنَ الأنصارِ مِمَّنْ بايَعْنَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وعلَّلَ عمَرُ ذلك بأنَّها كانَتْ تَزْفِرُ، يَعني: تَحمِلُ لهم قِرَبَ الماءِ يَومَ غَزوةِ أُحُدٍ، سَنةَ ثَلاثٍ مِنَ الهِجرةِ.
وفي الحَديثِ: مَعرِفةُ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه حَقَّ الأنصارِ، وإيثارُهم على زَوجَتِه ابنةِ بِنتِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفيه: مَشروعيَّةُ خُروجِ المرأةِ مع الجَيشِ؛ لِتُعينَ المُقاتِلينَ مِنَ الرِّجالِ، بما يَتوافَقُ مع قُدُراتِها، كالتَّطبيبِ وسُقيا الماءِ ونَحوِهما.