باب فى أكل الثوم
حدثنا عباس بن عبد العظيم حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو حدثنا خالد بن ميسرة - يعنى العطار - عن معاوية بن قرة عن أبيه أن النبى -صلى الله عليه وسلم- نهى عن هاتين الشجرتين وقال « من أكلهما فلا يقربن مسجدنا ». وقال « إن كنتم لا بد آكليهما فأميتوهما طبخا ». قال يعنى البصل والثوم.
يبين هذا الحديث أن الإنسان مأمور بتطييب ريحه واجتناب الريح الخبيثة، ولا سيما تطهير فمه، إذا أراد أن يناجي من له قدر من الخلق؛ فكيف بمن يناجي بالتلاوة للقرآن الحق عز وجل؟! وفي هذا الحديث يقول أبو هريرة رضي الله عنه نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم "عن أكل البصل، أي: النيء، والكراث فغلبتنا الحاجة فأكلنا منها"، والحاجة تشمل الجوع وغيره، مثل الأكل بالتشهي والتأدم بالخبز، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من أكل من هذه الشجرة المنتنة" البصل والفجل، وما له رائحة كريهة كالكراث، "فلا يقربن مسجدنا"، أي: مسجد المسلمين، وهذا النهي إنما هو عن حضور المسجد لا عن أكل الثوم والبصل ونحوهما، فهذه البقول حلال، وسبب النهي عن الدنو من المسجد
هو تأذي الآدميين وتأذي الملائكة بسبب رائحتها، وعلى هذا فيشمل النهي دخول المسجد إن كان خاليا من الإنس؛ لأنه محل الملائكة ولعموم الأحاديث
ولما اختص النهي بدخول المساجد دل على عدم النهي عن دخول الأسواق وغيرها لمن أكل هذه الأشياء؛ لأنه ليس فيها حرمة المساجد، وليست محل حضور الملائكة، ولأنه إن تأذى به أحد في السوق فيسهل عليه الابتعاد عنه بخلاف المساجد.
وفي هذا الحديث: زجر عن أذى الناس بكل حال، وأمر بتحسين الأدب في حضور مواطن الصلاة من تعاهد الإنسان نفسه بترك ما يؤذي ريحه