باب فى الحذر من الناس

باب فى الحذر من الناس

حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث عن عقيل عن الزهرى عن سعيد بن المسيب عن أبى هريرة عن النبى -صلى الله عليه وسلم- أنه قال « لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين ».

على المؤمن أن يكون حازما حذرا؛ لا يؤتى من ناحية الغفلة، فيخدع مرة بعد أخرى ويقع في مكروه، وقد يكون ذلك في أمر الدين كما يكون في أمر الدنيا، وهو أولاهما بالحذر
وفي هذا الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين»، واللدغ: ما يكون من ذوات السموم. والجحر: المكان الضيق، وهذا الكلام على التشبيه بأن الإنسان عادة ما يحذر من كل دابة لادغة مؤذية، وخاصة إذا جرب لدغها ونجاه الله منها في أول مرة، فيزيد حذره وحرصه على التوقي والابتعاد عن هذه الدابة، وكذلك المؤمن إذا نكب من وجه فلا ينبغي أن يعود لمثله
وفيه: أدب شريف أدب به النبي صلى الله عليه وسلم أمته ونبههم كيف يحذرون ما يخافون سوء عاقبته، وسبب هذا الحديث أنه صلى الله عليه وسلم أسر أبا عزة الشاعر يوم بدر، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يمن عليه بإطلاق سراحه، وذكر فقره وقلة ماله، فمن عليه، وعاهده ألا يحرض عليه ولا يهجوه، فأطلقه، فلحق بقومه، ولكنه لما رجع إلى مكة استهواه صفوان بن أمية وضمن له القيام بعياله، فخرج مع قريش لحرب النبي صلى الله عليه وسلم، ورجع إلى التحريض والهجاء، ثم أسر يوم أحد، فطلب من النبي صلى الله عليه وسلم المن عليه مرة أخرى، فقال صلى الله عليه وسلم: «لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين»، وهو من جوامع الكلم التي لم يسبق إليها النبي صلى الله عليه وسلم، بل كان أول من أنشأها وصاغها.
وفي الحديث: التعلم من الخطأ، وعدم تكراره.
وفيه: بيان فصاحة النبي صلى الله عليه وسلم وبلاغته.