باب فى الحياء
حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا شعبة عن منصور عن ربعى بن حراش عن أبى مسعود قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فافعل ما شئت ».
كلام النبوة هو حكم الأنبياء وشرائعهم التي لم تنسخ، وتتفق كل الأديان والرسالات فيها، ومن هذا الحياء؛ فإن أمره لم يزل ثابتا، واستعماله واجب منذ زمان النبوة الأولى، وإنه ما من نبي إلا وقد حث على الحياء، وبعث عليه، وإنه لم ينسخ فيما نسخ من شرائعهم، ولم يبدل فيما بدل منها؛ وذلك أنه أمر قد علم صوابه، وبان فضله، واتفقت العقول على حسنه، وما كان هذا صفته، لم يجر عليه النسخ والتبديل، ولما كان الحياء على هذا النحو؛ كان من حكم الأنبياء الثابتة فيه: ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث، حيث قال: «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة: إذا لم تستح فاصنع ما شئت»، والحياء من أنبل الأخلاق وأعلاها، وأصله: تغير وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب به. وقيل: هو انقباض النفس عن القبائح، وتركها. والمراد أنه إذا لم يكن عندك حياء يمنعك من فعل القبيح؛ فافعل ما شئت، دون تحديد ما يفعله؛ لأن كل فعل قبيح سيكون مباحا عنده، وعلى هذا المعنى، فهو أمر للتهديد، أي: افعل ما بدا لك؛ فإنك ستعاقب عليه، وقيل: المعنى: أن من لم يستح صنع ما شاء؛ فإن المانع من فعل القبائح هو الحياء، فمن لم يكن له حياء انهمك في كل فحشاء ومنكر
وفي الحديث: أن صفة الحياء تردع الإنسان عن كثير من الشرور