باب فى المخابرة
حدثنا أبو حفص عمر بن يزيد السيارى حدثنا عباد بن العوام عن سفيان بن حسين عن يونس بن عبيد عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن المزابنة والمحاقلة وعن الثنيا إلا أن يعلم.
اهتم الإسلام اهتماما بالغا بحفظ أموال الناس، وحرص حرصا شديدا على عدم ضياعها؛ ولذلك نهى عن بعض أنواع المعاملات؛ كتلك التي يكون ظاهرها البيع وباطنها أكل الأموال بالباطل، أو التي تشتمل على غرر وجهالة، وربما تضر بالبائع أو المشتري
وفي هذا الحديث يقول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة": وهي بيع الحب في سنابله بحب صاف، وهذا فيه جهالة ما في السنابل، "والمزابنة": أي: ونهى صلى الله عليه وسلم عن المزابنة، وهي بيع التمر على رؤوس النخل بالتمر الرطب، أو ثمار العنب وهي على الشجر بالزبيب، وهذا فيه جهالة بكيل ووزن الثمار، "والمخابرة": وهي العمل في الأرض ببعض ما يخرج منها، والبذر من العامل، وهذا فيه جهالة بما لم يخلق بعد, "والمعاومة": وهي "بيع السنين": وهو بيع ثمر نخلة أو نخلات بأعيانها أو ما شابه سنتين أو ثلاثا؛ ومن المعلوم أن هذا الثمر لم يخلق بعد.
وكذلك نهى "عن الثنيا": وهو أن يباع الثمر ويستثنى منه جزء غير معلوم القدر، وفي رواية قال: "إلا أن يعلم"، أي: إلا أن يكون الجزء المستثنى في البيع معلوم القدر
وقد رخص النبي صلى الله عليه وسلم "في العرايا": وهي: أن بيع الثمار على الشجر بعد تقديرها كيلا ووزنا بالتمر أو الزبيب؛ فالعرايا نوع من أنواع البيوع التي أذن فيها للحاجة تيسيرا على المسلمين؛ فيشتري الرجل ثمرا في النخل؛ لكي يأكله ويطعمه عياله وليس معه نقود فيدفع تمرا معه أقل قيمة من الثمر الذي سيشتريه بمثل أن يبيع الرطب على النخل بالزبيب؛ فيعطى قدره من القديم، بشرط ألا تزيد على خمسة أوسق مع التقابض في مجلس العقد؛ وسمي ببيع العرايا؛ لأن النخلة يعطيها مالكها لرجل محتاج، أي: يعروها له، وكانت العرب في الجدب يتطوع أهل النخل بذلك على من لا ثمر له، كما يتطوع صاحب الشاة أو الإبل بالمنيحة، وهي عطية اللبن دون الرقبة