باب في التسمية بأسماء الأنبياء والصالحين
بطاقات دعوية
عن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - قال لما قدمت نجران سألوني فقالوا إنكم تقرءون يا أخت هارون وموسى قبل عيسى بكذا وكذا فلما قدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سألته عن ذلك فقال إنهم كانوا يسمون بأنبيائهم والصالحين قبلهم. (م 6/ 171
في هذا الحديثِ يَرْوي المُغِيرَةُ بنُ شُعْبَةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه لَمَّا قَدِمَ في سَفرِه على أهلِ مِنطَقةِ نَجْرَانَ -وهي مِنطَقةٌ قَديمةٌ تقَعُ في جَنوبِ الجزيرةِ العربيَّةِ على حُدودِ اليمنِ- سَأله أهلُها عن مَريمَ ابنةِ عِمرانَ أُمِّ المسيحِ عِيسى عليه السَّلامُ، فقالوا: «إنَّكم تَقرَؤُون» في القُرآن {يَا أُخْتَ هَارُونَ} [مريم: 28]، فظَنُّوا أنَّ هارونَ المذكورَ هو أخُو نَبيِّ اللهِ مُوسى عليه السَّلامُ، وقدْ كان مُوسى عليه السَّلامُ قبْلَ عيسى في البَعْثِ والرِّسالةِ بمئاتِ السِّنينَ؛ فكيْف تكونُ مَريمُ أُختَ هارونَ ومُوسى؟! فلمَّا رجَع المُغِيرَةُ إلى المدينةِ حَكَى للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عمَّا قيل له، فأجابه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «إنَّهم كانوا يُسَمُّونَ بأنبيائِهم والصَّالحينَ قبلَهم»، يعني: أنَّ هارون المذكورَ في قوله تَعالَى: {يَا أُخْتَ هَارُونَ} [مريم: 28] ليس هو هارونَ النَّبيَّ أخَا موسى عليهما السَّلامُ، بل المرادُ بهارونَ هذا رجُلٌ آخَرُ مسمًّى بهارونَ؛ لأنَّ هذا الاسمَ في بَني إسرائيلَ كان كثيرًا، تَبرُّكًا باسمِ هارونَ أخي مُوسى عليهما السَّلامُ؛ فكانوا يُسمُّون أولادَهم بأسماءِ الأنبياءِ والصَّالحينَ قبْلَهم.
وقيل: إنَّ هارونَ المذكورَ في الآيةِ رجُلٌ صالحٌ مِن بَني إسرائيلَ، يُنسَبُ إليه مَن عُرِفَ بالصَّلاحِ، والمعنى: يا شبَيهتَه فِي العِفَّةِ، وقيل: إنَّ لِمَريمَ أخًا اسمُه هارونُ، كان أيضًا رجُلًا صالحًا في قومِه، وقيل غيرُ ذلك.
وفي الحديثِ: أنَّ مِن هَدْيِ الأُمَمِ قبلَنا التَّسمِيَةَ بأسماءِ الأنبياءِ والصَّالِحين عليهم السَّلامُ.