باب في بيان كثرة طرق الخير 20
بطاقات دعوية
قال: أراد بنو سلمة أن ينتقلوا قرب المسجد فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لهم: «إنه قد بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد؟» فقالوا: نعم، يا رسول الله قد أردنا ذلك. فقال: «بني سلمة، دياركم، تكتب آثاركم، دياركم تكتب آثاركم». رواه مسلم. (1)
وفي رواية: «إن بكل خطوة درجة». رواه مسلم.
رواه البخاري أيضا بمعناه من رواية أنس - رضي الله عنه.
و «بنو سلمة» بكسر اللام: قبيلة معروفة من الأنصار - رضي الله عنهم - و «آثارهم»: خطاهم.
__________
كثرة الخطا إلى المساجد من أعظم أبواب الأجر والثواب، وكلما بعد المسجد، وكانت الخطوات كثيرة؛ كان الثواب أكبر
وفي هذا الحديث يخبر جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه أصبح ما حول المسجد النبوي -وهو أطرافه أو ما قرب منه- خاليا، «فأراد بنو سلمة»، وهم قوم من الأنصار، وكانت ديارهم بعيدة عن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت وراء جبل سلع غربي المدينة، فأرادوا أن ينتقلوا ويسكنوا إلى قرب المسجد النبوي مجاورين بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: «إنه بلغني»، أي: وصلني خبركم «أنكم تريدون» وترغبون «أن تنتقلوا قرب المسجد»، فـقالوا: نعم، هذه رغبتنا يا رسول الله، «قد أردنا ذلك»، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: «يا بني سلمة، دياركم»، أي: الزموا دياركم واثبتوا فيها، ولا تنتقلوا عنها، «تكتب آثاركم»، أي: تكتب لكم خطاكم إلى المسجد؛ فإن ما تخطونه إلى المسجد يكتب لكم به أجر، ثم كرر النبي صلى الله عليه وسلم قوله مرة أخرى: «دياركم، تكتب آثاركم» حضا وترغيبا لهم على اتباع أمره، والبقاء في منازلهم وعدم تركها، كما في حديث أنس رضي الله عنه عند البخاري: «فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تعرى المدينة»، أي: أن تخلو أجزاء من المدينة فأراد النبي صلى الله عليه وسلم ببقائهم أن تبقى جهات المدينة عامرة بساكنيها؛ ليعظم المسلمون في أعين المنافقين والمشركين إرهابا لهم وغلظة عليهم، ولم يصرح رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك لهم، واكتفى بأن ذكر لهم المصلحة الواضحة الخاصة بهم؛ ليكون ذلك أدعى لهم على الموافقة، وأبعث على نشاطهم إلى البقاء في ديارهم
وفي الحديث: فضيلة المشي إلى المساجد