باب في كراهية رد السلام غير متوضئ
عن ابن عمر، «أن رجلا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فلم يرد عليه»، هذا حديث حسن صحيح، وإنما يكره هذا عندنا إذا كان على الغائط والبول، وقد فسر بعض أهل العلم ذلك، وهذا أحسن شيء روي في هذا الباب، وفي الباب عن المهاجر بن قنفذ، وعبد الله بن حنظلة، وعلقمة ابن الفغواء، وجابر، والبراء
لَمَّا كان رَدُّ السَّلامِ فيه ذِكرٌ لله تَعالَى، وَجَب أن يُنَزَّهَ هذا الذِّكرُ في حالِ قَضاءِ الحاجةِ؛ ولذلك يَروي عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه لَمَّا مرَّ رجُلٌ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكانَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حينئذٍ يَبُولُ، فألقَى الرَّجلُ السَّلامَ؛ لم يَرُدَّ عليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ وكأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كَرِهَ ذِكرَ اللهِ على تلك الحَالِ منِ انكِشافِ العَورةِ والحَدثِ، وعَدمِ الطَّهارةِ.
وروى أبو داودَ عنِ المُهاجِرِ بنُ قُنفُذٍ: «أنَّهُ أتى النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَهوَ يَبولُ، فسلَّمَ عليهِ، فلمْ يَرُدَّ عليه حتَّى تَوضَّأَ، ثُمَّ اعتذرَ إليه فقالَ: إنِّي كَرِهتُ أنْ أذْكُرَ اللَّهَ عزَّ وجلَّ إلَّا علَى طُهْرٍ أو قالَ علَى طَهارةٍ». وهذا دَليلٌ على أنَّ السَّلامَ الذي يُحيِّي به النَّاسُ بعضُهم بَعضًا اسمٌ مِن أسمائه تَعالَى.
وفي الحديثِ: الحَثُّ على المُحافَظةِ على الطَّهارةِ عِندَ ذِكرِ اللهِ؛ لِما فيه مِنَ الفَضلِ.
وفيه: تَنزيهُ اللهِ تَعالَى عن أن يُذكَرَ عَلى حالٍ وهَيئةٍ غَير حَسنةٍ، كحالِ التَّبوُّلِ ونحوِه.