باب لا يستنجى بروث
بطاقات دعوية
عن عبدِ الله (بن مسعود) قال: أَتى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الغائطَ، فأَمرَني أن آتيَه بثلاثةِ أحجارٍ، فوجدتُ حجَرين، والتمستُ الثالثَ فلم أجدْه، فأخذتُ وقال وَفْدُ عبْدِ القَيْسِ لِلنبيٍّ - صلى الله عليه وسلم -: مُرْنا بِجُمَلٍ من الأمر إن عملْنا بها دخلنا الجنَّة. فَأَمَرَهم بالإيمان، والشَّهادةِ، وإقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ"، فجعل ذلِكَ كُلَّهُ عَمَلاً.ش
عَلَّمَنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سُننَ الطَّهارةِ والنَّظافةِ مِن البَولِ والغائطِ في الخَلاءِ باستِخدامِ ما تَيسَّرَ ممَّا يُمكِنُ التَّطهُّرُ والاستنجاءُ به.وفي هذا الحَديثِ بَيَّنَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَشروعيَّةَ الاستِجمارِ، وهو التَّطَهُّرُ بالأحجارِ بعدَ قَضاءِ الحاجةِ؛ فإنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعْدَ أنْ قَضَى حاجتَه في الغائطِ -والغائطُ في الأصلِ: المكانُ المُنخفِضُ مِن الأرضِ، ثمَّ أُطلِقَ على قَضاءِ الحاجةِ؛ لأنَّ قاضيَ الحاجةِ يَطلُبُ مَكانًا مُنخفِضًا يَستتِرُ به عن أعيُنِ الناسِ- أمَرَ ابنَ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه بأنْ يَأتيَه بثَلاثةِ أحجارٍ للاستِنجاءِ، فأتاهُ ابنُ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه بحَجرينِ، ولم يَتيسَّرْ له الثالثُ، فأَتى برَوْثَةٍ، وهي بَقايا فَضلاتِ الحَيواناتِ الجافَّةُ، وقيل: إنَّ الرَّوثَ مُختَصٌّ بما يكونُ مِن الخَيلِ والبِغالِ والحَميرِ، فرَدَّها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقال: هذا رِكْسٌ، أي: الرَّوْثُ نَجِسٌ، أو لا يَجوزُ استعمالُه.وفي هذا الحَديثِ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قدِ استَنْجَى بحَجرينِ فقطْ، وقد وَرَدَ عندَ مُسلمٍ مِن حَديثِ سَلمانَ الفارسيِّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «لا يَسْتنجي أحَدُكم بدُونِ ثَلاثةِ أحجارٍ»، فيُجمَعُ بيْنهما بأنَّ الثَّلاثَ فيها مُراعاةٌ للإنقاءِ وللإيتارِ؛ لقَولِه: «ومَن استَجمَرَ فلْيُوتِرْ»، ولكنْ مَن لم يَجِدْ ثَلاثةَ أحجارٍ فيُجزِئُه اثنانِ.