باب ما جاء أنه يأخذ لرأسه ماء جديدا
عن عبد الله بن زيد، «أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم توضأ، وأنه مسح رأسه بماء غير فضل يديه»، هذا حديث حسن صحيح وروى ابن لهيعة هذا الحديث، عن حبان بن واسع، عن أبيه، عن عبد الله بن زيد: أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ، وأنه مسح رأسه بماء غبر فضل يديه، ورواية عمرو بن الحارث، عن حبان أصح، لأنه قد روي من غير وجه هذا الحديث، عن عبد الله بن زيد، وغيره، أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ لرأسه ماء جديدا والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم رأوا: أن يأخذ لرأسه ماء جديدا
كان الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم يَحرِصون على نَقْلِ سُنَّةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِمَن بعدَهم، وكان التَّابِعون رَحِمهم اللهُ مِن أحرَصِ النَّاسِ في أَخْذِ العلمِ عنهم.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ واسِعُ بنُ حَبَّانَ: "أنَّه سَمِع عبدَ اللهِ بنَ زيدِ بنِ عاصمٍ المازِنيَّ يَذكُرُ أنَّه رأَى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"، أي: رآه وهو يتوَضَّأُ؛ "فذكَر وُضوءَه"، أي: أخبَرَ بوُضوءِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وكيفيَّتِه، وفي رِوايةٍ: أنَّه هو الَّذي توَضَّأَ؛ ليُرِيَهم كيف كان وُضوءُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وفيه: "أفرَغَ على يدَيْه، فغسَل يدَيه، ثمَّ تَمَضْمَضَ واستَنْثَرَ ثلاثًا، ثمَّ غسَل وجهَه ثلاثًا، ثمَّ غسَل يدَيْه مرَّتَيْنِ مرَّتَيْنِ إلى المِرفَقَيْنِ، ثمَّ مسَح رأسَه بيدَيْه، فأقَبَل بهما وأدبَرَ، بدَأ بمُقدَّمِ رأسِه، ثمَّ ذهَب بهما إلى قَفاه، ثمَّ ردَّهما حتَّى رجَع إلى المكانِ الَّذي بدَأ منه، ثمَّ غسَلَ رجلَيْه"، "ومسَحَ رأسَه بماءٍ غيرِ فَضْلِ يدَيْه"، أي: مسَح النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رأسَه بماءٍ جديدٍ غيرِ الماءِ الذي بَقِيَ في يدَيْه مِن وُضوءِ الأعضاءِ الأخرى، "وغسَلَ رجلَيْه حتَّى أَنْقاهما"، أي: غسَلَهما غَسلًا جيِّدًا حتَّى نظَّفهما تنظيفًا تامًّا، ولم يَذكُرْ عددَ مرَّاتِ الغَسْلِ، وإنَّما هو غَسْلٌ مُطلَقٌ حتَّى يَتِمَّ تَنظيفُ القدَمَيْنِ جيِّدًا؛ لأنَّهما أقرَبُ إلى الأرضِ، والْتِصاقُ الأوساخِ بهِما أشدُّ .