باب ما جاء إذا كان المطر فالصلاة في الرحال
سنن الترمذى
حدثنا أبو حفص عمرو بن علي قال: حدثنا أبو داود الطيالسي قال: حدثنا زهير بن معاوية، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فأصابنا مطر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من شاء فليصل في رحله»، وفي الباب عن ابن عمر، وسمرة، وأبي المليح، عن أبيه، وعبد الرحمن بن سمرة،: «حديث جابر حديث حسن صحيح» وقد رخص أهل العلم في القعود عن الجماعة والجمعة في المطر والطين، وبه يقول أحمد، وإسحاق ": سمعت أبا زرعة، يقول: «روى عفان بن مسلم، عن عمرو بن علي حديثا»، وقال أبو زرعة: " لم نر بالبصرة أحفظ من هؤلاء الثلاثة: علي بن المديني، وابن الشاذكوني، وعمرو بن علي «،» وأبو المليح اسمه عامر، ويقال: زيد بن أسامة بن عمير الهذلي "
شَريعةُ الإسْلامِ سَمْحةٌ مُيسَّرةٌ، ومِن مَظاهرِ ذلك: أنَّه معَ أهمِّيَّةِ صَلاةِ الجماعةِ في المسجِدِ، فإنَّها راعَتْ ظُروفَ النَّاسِ في بَعضِ الأوْقاتِ الحَرِجةِ الَّتي يكونُ الذَّهابُ فيها إلى الجَماعةِ صَعبًا؛ مِثلُ وُجودِ ريحٍ أو مطَرٍ أو خَوفٍ، أو غيرِ ذلك.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ الصَّحابةَ رَضيَ اللهُ عنهم كانوا في سَفرٍ معَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فنَزلَ عليهمُ المطرُ، والمطرُ يكونُ سببًا في إفْسادِ الأرضِ بالطِّينِ وغيْرِه، فكانَ مِنَ المشقَّةِ عليهمُ الاجتماعُ للصَّلاةِ، فقالَ لهمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «لِيُصَلِّ مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فِي رَحْلِهِ»، وهذا على سَبيلِ الاخْتيارِ لا الإلْزامِ؛ فمَن شاءَ صلَّى في رَحْلِهِ، ومَن شاءَ خرَجَ إلى الجَماعةِ، والرَّحْلُ: مَرْكَبُ الرَّجلِ على البَعيرِ، والمرادُ به: مَسكَنُهُ الَّذي يَبيتُ فيه أيَّامَ سَفرِه، وهذا مِن تَيسيرِ الشَّريعةِ على المسلِمينَ، وتلك الرُّخصةُ لا تختَصُّ بالسَّفرِ، بل تشمَلُ الحَضَرَ أيضًا؛ فعن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما، «أنَّه قال لمؤذِّنِه في يومٍ مَطيرٍ: إذا قلتَ: أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، أشهَدُ أنَّ محمَّدًا رسولُ اللهِ، فلا تقُلْ: حيَّ على الصَّلاةِ، قُل: صَلُّوا في بُيوتِكم، قال: فكأنَّ النَّاسَ اسْتَنكَروا ذاك، فقال: أتَعجَبونَ من ذا؟! قد فعَلَ ذا مَن هو خيرٌ منِّي، إنَّ الجمُعةَ عَزْمةٌ، وإنِّي كرِهْتُ أنْ أُحرِجَكم فتَمْشوا في الطِّينِ والدَّحْضِ» متَّفقٌ عليه.
وفي الحَديثِ: مَشروعيَّةُ الصَّلاةِ في البُيوتِ وتَرْكِ الجَماعةِ عندَ الاضْطِرارِ؛ بسَببِ مَطرٍ، أو خَوفٍ، أو بَرْدٍ، أو غيرِ ذلك.