باب ما جاء فى بئر بضاعة
بطاقات دعوية
حدثنا أحمد بن أبي شعيب، وعبد العزيز بن يحيى الحرانيان، قالا: حدثنا محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن سليط بن أيوب، عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع الأنصاري ثم العدوي، عن أبي سعيد الخدري، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقال له: إنه يستقى لك من بئر بضاعة، وهي بئر يلقى فيها لحوم الكلاب، والمحايض وعذر الناس؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الماء طهور لا ينجسه شيء»، قال أبو داود: وسمعت قتيبة بن سعيد، قال: سألت قيم بئر بضاعة عن عمقها؟ قال: أكثر ما يكون فيها الماء إلى العانة، قلت: فإذا نقص، قال: دون العورة، قال أبو داود: " وقدرت أنا بئر بضاعة بردائي مددته عليها، ثم ذرعته فإذا عرضها ستة أذرع، وسألت الذي فتح لي باب البستان فأدخلني إليه، هل غير بناؤها عما كانت عليه؟ قال: لا، ورأيت فيها ماء متغير اللون "
تَميَّزَتْ شريعةُ الإسلامِ باليُسْرِ والسَّمَاحَةِ؛ ومن ذلك عدم التَّكليف بعناءِ البحثِ عن طهَارةِ الأشياءِ، بل تَبقَى كما هي طاهرةً ما لم يَتَيَقَّنْ المسلِمُ مِن أثَرِ النَّجَاسةِ
وفي هذا الحديثِ أنَّه قيل لرَسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: أَنتوضَّأُ مِن بئْرِ بُضَاعَةَ وهي بِئْرٌ بالمدينةِ يُطْرَحُ فيها الحِيَضُ، أي: الخِرْقَةُ الَّتي تَستعمِلُها المرأةُ في دمِ الحَيْضِ، ولحمُ الكِلابِ، والنَّتَنُ، أي: الأشياءُ ذاتُ الرَّائحَةِ الكَريهةِ كالجِيَفِ والعَذِرةِ
والمرادُ: أنَّ النَّاسَ يرمُونَ هذِه النَّجَاساتِ في الصَّحَارِي وأفنيةِ مَنازلِهم، فتأتِي السُّيولُ وتَجُرُّ هذِه الأشياءَ النَّجِسَةَ مِن الطُّرِقِ والأفْنِيَةِ فتُلْقِيها في البِئْرِ؛ لأنَّها كانتْ بمَسيلٍ مِن بَعضِ الأوديةِ التي يَنزِلُ بها أهلُ الباديةِ، وليس المرادُ أنَّ النَّاسَ كانوا يَرْمُون الأقْذَارَ في البِئْرِ عمْدًا؛ فالمعرُوفُ عَن العرَبِ في الجاهليَّةِ والإسلامِ حِفْظُ المياهِ وصَوْنُها عن النَّجَاسات
فأجابَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن هذا السُّؤالِ قائِلًا: «الماءُ طَهُورٌ لا يُنَجِّسُه شَيْءٌ»، أي: إنَّ اللهَ تعالى خلَق الماءَ طَهُورًا لا يُنجِّسُه شَيءٌ، ما لم يَتغيَّرْ لَونُه أو طَعْمُه أو رِيحُه، وقد كان بئرُ بُضَاعَةَ كَثِيرَ الماءِ لا يَتأثَّرُ بما يُلْقَى فيه
وفي الحديثِ: بيانُ أنَّ الأصْلَ فِي الماءِ الطَّهارَةُ