باب ما جاء في السحور
سنن ابن ماجه
حدثنا أحمد بن عبدة، أخبرنا حماد بن زيد، عن عبد العزيز بن صهيب
عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تسحروا فإن في السحور بركة" (2).
ما تَرَكَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بابًا مِن أبوابِ الخيرِ في الدُّنيا والآخرةِ إلَّا دلَّ الأُمَّةَ عليه ورَغَّبَها فيه.
وفي هذا الحَديثِ يحُثُّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كُلَّ مَن أرادَ الصَّومَ على التَّسحُّرِ قَبْل الفَجرِ ويأمرُ به، فيقولُ: «تَسَحَّرُوا»، أي: تَناولُوا السَّحورَ، وهو الطَّعامُ الَّذي يُؤكَلُ في وقْتِ السَّحَرِ، وهُو قُبَيل طُلوعِ الفَجْرِ الصَّادِقِ في رَمضانَ ولمنْ أَرادَ الصِّيامَ تطوُّعًا؛ «فإِنَّ في السَّحُورِ بَرَكَةً»، أي: فيه مَزيدٌ من النَّماءِ والخيرِ والبَركةُ، والبَركةُ في السُّحورِ تَحصُلُ بجِهاتٍ مُتعدِّدةٍ؛ وهي: اتِّباعُ السُّنةِ، ومُخالَفةُ أهْلِ الكتابِ؛ لأنَّهم لا يَتسحَّرون، والتَّقوِّي على العِبادةِ، والزِّيادةُ في النَّشاطِ، ومُدافَعةُ سُوءِ الخُلقِ الَّذي يُثيرُه الجُوعُ، والتَّسبُّبُ بالصَّدَقةِ على مَن يَسأَلُ إذْ ذاك، أو يَجتمِعُ معه على الأكْلِ، والتَّسبُّبُ للذِّكرِ والدُّعاءِ وقْتَ مَظِنَّةِ الإجابةِ، وتَدارُكُ نِيَّةِ الصَّومِ لمَن أغْفَلَها قبْلَ أنْ يَنامَ.
وإنَّما يَأْتي التَّأكيدُ على أكْلةِ السَّحَرِ؛ لأنَّ هذا الوَقتَ مَظِنَّةُ النَّومِ عندَ أغلَبِ النَّاسِ، فلرُبَّما غَلَبَهم النَّومُ ولذَّتُهُ عن أهميَّةِ تلك الأَكْلةِ، فأضعَفَهم تَرْكُها عنِ القيامِ بأشْغالِهِم في النَّهارِ.