باب ما جاء في العزل1
سنن الترمذى
حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب قال: حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن جابر قال: قلنا: يا رسول الله، إنا كنا نعزل، فزعمت اليهود أنها الموءودة الصغرى، فقال: «كذبت اليهود، إن الله إذا أراد أن يخلقه فلم يمنعه» وفي الباب عن عمر، والبراء، وأبي هريرة، وأبي سعيد
كلُّ مخلوقٍ كتَب اللهُ أجَلَه وذُرِّيَّتَه، وجَفَّ القلمُ على ذلك؛ ولذا كان العزلُ عنِ النِّساء- منعًا للولدِ- مِن الأمورِ الَّتي لا طائلَ وراءَها.
وفي هذا الحديثِ يقول أبو سعيدٍ رَضِي اللهُ عَنه: "ذُكِرَ العزلُ"، أي: عزلُ الذَّكَرِ عن الفَرْجِ إذا قارَب نزولُ المنيِّ "عند رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: في مجلسِه، فعقَّب النَّبيُّ صلَّى الله عيه وسلم فقال: "لِمَ يفعَلُ ذلك أحدُكم؟!"، أي: استفهَمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بصيغةِ الإنكارِ لفعلِهم ذلك، فمَن يفعَلُ ذلك لا يريدُ الولدَ في ذلك الوقتِ، وكلُّ ذلك يأتي بقدَرِ اللهِ؛ فإن أراد اللهُ له الولَدَ كان، وربَّما نزَل منه قبل أن يعزِلَ وهو لا يشعُرُ، فيأتيه أمرُ اللهِ وقَضاؤُه.
قال التِّرمذيُّ: زاد ابنُ أبي عُمرَ في حَديثِه، ولم يَقُلْ: "لا يَفعَلْ ذاك أحدُكم"، أي: ولَم يُصرِّحِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأصحابِه رضي اللهُ عنهم بالنَّهيِ، وإنَّما أشارَ إلى أنَّ الأَوْلى تَرْكُ ذلك، وفي روايةِ البخاريِّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "أوَإنَّكم تَفعَلون ذلك؟ لا علَيكم ألَّا تَفعَلوا ذلكم"، ثمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "فإنَّها ليستْ نَفْسٌ مخلوقةٌ"، أي: قدَّر اللهُ لها عزَّ وجلَّ أن تُخلَقَ، "إلَّا اللهُ خالِقُها"، وفي روايةٍ: "إلَّا هي خارجةٌ"، أي: جعَل السَّببَ لِخُروجِها وإن احتَاطَ لها الرَّجلُ بالعَزْلِ.
قيل: مِن أسبابِ العزلِ كونُ المرأةِ المعزولِ عنها تُرضِعُ، فيُخشَى على مَن تُرضِعُه في ذلك، أو أن يكونَ الرَّجلُ قليلَ المالِ، فيرغبَ في قلَّةِ العيالِ، أو خشيةَ أن يَلِدَ مِن أمَةٍ فيكونَ الولدُ رقيقًا، وكلُّ تلك الأسبابِ لا تُغْني عن أمرِ اللهِ وقضائِه شيئًا، والرَّزَّاقُ هو اللهُ