باب ما جاء في القراءة في صلاة الليل 1
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وعلي بن محمد؛ قالا: حدثنا وكيع، حدثنا مسعر، عن أبي العلاء، عن يحيى بن جعدة
عن أم هانئ بنت أبي طالب، قالت: كنت أسمع قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالليل وأنا على عريشي (1).
في هذا الحديثِ تَقولُ أمُّ هانئٍ بنتُ أبي طالبٍ رَضِي اللهُ عَنها: "كنتُ أسمَعُ قراءةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم باللَّيلِ وأنَا على عَريشي"، وفي روايةٍ: "وأنا نائمةٌ على عَريشي"، والعريشُ: هو ما يُستظَلُّ به، والمرادُ به هنا السَّريرُ الَّذي يُنامُ عليه، أي: إنَّها كانتْ تَسمَعُ صوتَه وهو يقرَأُ القرآنَ في اللَّيلِ، وربَّما كانَتْ قراءةً في الصَّلاةِ أو في غيرِها، وقد سُئِلَت أمُّ المؤمِنين عائشةُ عن قراءةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في اللَّيلِ، فقالَت: "رُبَّما أسَرَّ وربَّما جهَر"، أي: في ليلةٍ أو ليلتَينِ، وفيه إيماءٌ إلى الاستِواءِ، فيَجوزُ كلٌّ مِن الأمرَيْنِ في صلاةِ اللَّيلِ، وإنْ كان الأَقْوى هو الجَهْرَ؛ لِمَا فيه مِن شَغْلِ النَّفسِ واستِكْمالِ السَّماعِ والنَّشاطِ في العبادةِ، وإيقاظِ بعضِ أهلِ الغَفْلةِ.
والأفضَلُ في القِراءةِ خارِجَ الصَّلاةِ هو ما كان أوفَقَ للخُشوعِ، وأبعَدَ عن الرِّياءِ؛ فقد قال الحقُّ سبحانه في كتابِه: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} [الإسراء: 110]، أي: سَبيلًا وسَطًا بينَ الجَهْرِ والمُخافَتةِ؛ فإنَّ الاقتِصادَ مَطلوبٌ، وفي جميعِ الأمورِ محبوبٌ .