باب ما جاء في الوتر في السفر 1
سنن ابن ماجه
حدثنا أحمد بن سنان، وإسحاق بن منصور قالا: حدثنا يزيد ابن هارون، حدثنا شعبة، عن جابر، عن سالمعن أبيه، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي في السفر ركعتين، لا يزيد عليهما، وكان يتهجد من الليل، قلت: وكان يوتر؟ قال: نعم (1).
التَّيسِيرُ والتَّخْفيفُ مِن مَحاسِنِ الشَّريعةِ الإسْلاميَّةِ السَّمْحةِ؛ فقدْ جعَلَ اللهُ تعالَى فيها الرُّخَصَ للمُسلِمينَ؛ حتَّى لا يَقَعُوا في مَشَقَّةٍ تَضرُّهُم أو تُكلِّفُهم ما لا يُطيقُونَ، ومِن هذِه الرُّخَصِ: قَصْرُ الصَّلاةِ في السَّفَرِ والحَرْبِ.
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ ابنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما: «فرَضَ اللهُ الصَّلاةَ على لِسانِ نَبيِّكُم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ» بوَحيٍ منَ اللهِ تعالى، فكانتْ «في الحضَرِ أربعًا»، أي: الصَّلاةُ الرُّباعيَّةُ: الظُّهرُ، والعَصرُ، والعِشاءُ، «وفي السَّفَرِ ركعتَينِ»؛ فتُخفَّفُ الصَّلاةُ الرُّباعيَّةُ إلى رَكعتَينِ فقط حالَ السَّفرِ، وفرَضَ «في الخَوفِ ركعةً» واحدةً، وصلاةُ الخوفِ هي الصَّلاةُ المكتوبةُ يَحضُرُ وقتُها والمسلِمونَ في مُقاتَلةِ العَدوِّ، وحِراسةِ الثُّغورِ ونحوِها، وظاهرُ الحديثِ يدُلُّ على أنَّ صلاةَ الخوفِ تكونُ رَكعةً عندَ اشْتِدادِ الخوفِ والحربِ، قيلَ: المرادُ برَكعةِ الخَوفِ أنَّهُ يُصلِّي رَكعةً معَ الإمامِ ورَكعةً مُنفرِدًا؛ فإنَّ أكثَرَ ما ورَدَ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ صَلاةَ الخوفِ تكونُ رَكعتَينِ على هَيْئاتٍ مُختلفةٍ يرجِعُ حالُ أدائِها لحالةِ العَدوِّ في القُربِ والبُعدِ، ولا تأثيرَ للخَوفِ الشَّديدِ، ولكنْ يُصلُّونَ على حسَبِ الإمْكانِ رَكعتَينِ أيَّ وَجهٍ يوجِّهونَ إليه مُشاةً ورُكبانًا يومِئونَ إيماءً.