باب ما جاء في فضل التأمين
سنن الترمذى
حدثنا أبو كريب قال: حدثنا زيد بن حباب قال: حدثني مالك بن أنس قال: حدثنا الزهري، عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أمن الإمام فأمنوا، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه». «حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح»
اللهُ عزَّ وجلَّ واسعُ الرَّحمةِ عَظيمُ الجُودِ، ومِن رَحمتِه سُبحانَه بعِبادِه ما مَنَحَهَم إيَّاه مِن أجرٍ جَزيلٍ على العمَلِ اليَسيرِ، وفي هذا الحَديثِ جانبٌ مِن هذه الرَّحمةِ، حيثُ يُبيِّنُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه إذا أمَّنَ الإمامُ في الصَّلاةِ الجَهريَّةِ عَقِبَ قِراءةِ الفاتحةِ بأنْ قال: آمِينَ -وهي بمعنى اللَّهمَّ استَجِبْ- فعلى المأمومِ أنْ يُتابِعَ الإمامَ في تَأمينِه حِين يَسمَعُه؛ فإنَّ مَن وافَقَ تَأمينُه تَأمينَ الملائكةِ في الوقتِ، وقيل: مَن وافَقَهُم في الصِّفةِ والخُشُوعِ والإخلاصِ، غُفِرَ له ما تَقدَّمَ مِن ذَنْبِه.
والمرادُ بالملائكةِ: الحَفَظةُ، وقيل: الملائكةُ المُتعاقِبون، وقيل: هم جَميعُ الملائكةِ، بدَليلِ عُمومِ اللَّفْظ؛ لأنَّ الجمْعَ المُحلَّى بالألفِ اللَّامِ يُفيدُ الاسْتِغراقَ؛ بأنْ يَقُولَها الحاضِرونَ مِن الحفَظَةِ ومَن فَوْقِهم حتَّى يَنْتَهِيَ إلى المَلأِ الأعلىِ، وأهلِ السَّمَواتِ.
وظاهرُ الحديثِ: أنَّ تَأمينَ المأمومِ يكونُ عَقِبَ تَأمينِ الإمامِ، وقيل: يَنْبَغي أنْ يكونَ تَأْمينُ المَأْمومِ مع تَأْمينِ الإمامِ، لا قَبْلَه ولا بَعْدَه، وأمَّا قولُه: إذا أمَّنَ الإمامُ فأمِّنُوا، فمَعْناها: إذا أراد التَّأْمينَ.
وفي الحَديثِ: فضْلُ التَّأْمينِ عَقِبَ الفاتحةِ للإمامِ والمَأْمومِ والمُنفَردِ.