باب ذهبت النبوة وبقيت المبشرات
سنن الترمذى
حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني قال: حدثنا عفان بن مسلم قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد قال: حدثنا المختار بن فلفل قال: حدثنا أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الرسالة والنبوة قد انقطعت فلا رسول بعدي ولا نبي»، قال: فشق ذلك على الناس فقال: «لكن المبشرات». قالوا: يا رسول الله وما المبشرات؟ قال: «رؤيا المسلم، وهي جزء من أجزاء النبوة» وفي الباب عن أبي هريرة، وحذيفة بن أسيد، وابن عباس، وأم كرز «هذا حديث صحيح غريب من هذا الوجه من حديث المختار بن فلفل»
الإسلامُ دِينُ التَّفاؤُلِ والْمُبشِّراتِ؛ حيث حثَّ الشَّرعُ الحنيفُ على التَّفاؤلِ والبِشْرِ، وبيَّن أنَّه لم يَبْقَ مِن النُّبوَّةِ بعد انقطاعِ الوحيِ إلَّا المُبشِّراتُ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "إنَّ الرِّسالةَ والنُّبوَّةَ قد انقطعَتْ"، أي: إنَّ الوحيَ يَنقطِعُ ويَنتهي بموتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "فلا رسولَ بعدي ولا نَبيَّ"؛ فهو صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم خاتَمُ الأنبياءِ والرُّسُلِ، "قال"، أي: قال أنسُ بنُ مالكٍ راوي الحَديثِ: "فشَقَّ ذلك على النَّاسِ"، أي: فصعُبَ وثَقُلَ على النَّاسِ أنَّ الوَحْيَ قد انقطَع، "فقال"، أي: قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "لكنِ المُبشِّراتُ"، أي: إذا انقطَع الوَحْيُ بانتهاءِ النُّبوَّةِ، فإنَّ المُبشِّراتِ لن تنقطِعَ ولن تنتهيَ، "فقالوا"، أي: الصَّحابةُ: "يا رسولَ اللهِ، وما المُبشِّراتُ؟ قال"، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "رُؤْيا المُسلِمِ"، أي: الرُّؤى الَّتي يراها المُسلِمُ في المنامِ هي مِن المُبشِّراتِ؛ فقد تُبشِّرُه بخَيرٍ يأتيه، أو شرٍّ يُطرَحُ عنه، "وهي جزءٌ مِن أجزاءِ النُّبوَّةِ"، أي: والمُبشِّراتُ جزءٌ مِن أجزاءِ النُّبوَّةِ؛ فلا تَحزَنوا؛ فجُزءٌ مِن النُّبوَّةِ والوَحْيِ باقٍ بينَكم إلى يومِ القيامةِ، وهو المُبشِّراتُ والرُّؤى الصَّالحةُ.