باب ما جاء في كراهية كل ذي ناب وذي مخلب3
سنن الترمذى
حدثنا قتيبة قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «حرم كل ذي ناب من السباع»: هذا حديث حسن والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، وهو قول عبد الله بن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق
يَّن النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الحَلالَ والحَرامَ في كلِّ شَيءٍ؛ حتَّى يكونَ المُؤمنُ على بَيِّنَةٍ مِن أمْرِه في تَجنُّبِ الحَرامِ منَ الأموالِ والأعْراضِ والأطعِمةِ، كما يُبيِّنُ هذا الحديثُ؛ فعن أبي الدَّرداءِ رضِيَ اللهُ عنه: "نَهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن كلِّ ذي نابٍ مِن السِّباعِ"، أي: نَهى عن أكْلِ لَحمِ كلِّ حَيوانٍ مُفترِسٍ يأْكُلُ لُحومَ الحيواناتِ، والنَّابُ: السِّنُّ الَّتي يَعتمِدُ بها السَّبُعُ في جَرحِ كلِّ ما يَعتَدي عليه، "والمُجثَّمةِ" وهي الحيواناتُ الَّتي تُحبَسُ وتُمنَعُ مِن الحَركةِ وتُجعَلُ هدَفًا، وتُرمى بالنَّبلِ، وهذا الفِعلُ يَكثُرُ في الطَّيرِ والأرانبِ وأشباهِ ذلك، ممَّا يَجْثِمُ في الأرضِ، أي: يَلزَمُها ويَلتَصِقُ بها، والمُرادُ: أنَّها مَيتَةٌ لا يَحِلُّ أكْلُها، "والنُّهبةِ"، وهي: كلُّ شَيءٍ مَنهوبٍ ومَسروقٍ. وقيل: هي أخْذُ الجَماعةِ الشَّيءَ اختطافًا على غيرِ سَويَّةٍ؛ لكي يَجتَنِبَ السَّبقَ إليه، "وأحْسَبُه قال: الحِمارِ الإنْسِيِّ"، أي: نَهى عن أكْلِ لُحومِ الحِمارِ الأهليِّ الَّذي يَألَفُ البيوتَ ويَأنَسُ بالنَّاسِ، فهذه الَّتي نُهِيَ عن أكْلِ لُحومِها، بخِلافِ الحُمُرِ الوَحشيَّةِ الَّتي تَنفِرُ منهم؛ فإنَّها أُبِيحَت في أحاديثَ أُخرَى.
وفي الحديثِ: بَيانٌ لبَعضِ الخبائثِ المَنهيِّ عنها.
وفيه: حِرْصُ الإسلامِ على الطَّيِّباتِ في كلِّ شَيءٍ مِن المأكلِ والمَشْربِ.