‌‌باب ما جاء في الغلول2

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في الغلول2

حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال: حدثنا عكرمة بن عمار قال: حدثنا سماك أبو زميل الحنفي، قال: سمعت ابن عباس، يقول: حدثني عمر بن الخطاب قال: قيل: يا رسول الله، إن فلانا قد استشهد، قال: «كلا قد رأيته في النار بعباءة قد غلها»، قال: «قم يا عمر فناد إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون» ثلاثا: هذا حديث حسن صحيح غريب
‌‌

إنَّ اللهَ سُبحانَه وتعالى أمَرَ عِبادَه بإخلاصِ العمَلِ لوجْهِه سُبحانَه، كما زاد النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الأُمورَ توضيحًا، فبيَّنَ أنَّ الغُلولَ والسَّرقةَ لا يُحِبُّهما اللهُ ورسولُه صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقد يكونانِ سَببًا في إحباطِ العملِ.
وفي هذا الحديثِ يَحكي عُمَرُ بنُ الخطَّابِ رضِيَ اللهُ عنه أنَّه: "قيلَ: يا رسولَ اللهِ، إنَّ فُلانًا قد اسْتُشْهِدَ"، أي: قُتِلَ وصار شهيدًا، وفي روايةِ مُسلمٍ: "لمَّا كان يومُ خيبرَ، أقبَلَ نفرٌ من صَحابةِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالوا: فُلانٌ شَهيدٌ، فُلانٌ شهيدٌ، حتَّى مرُّوا على رجُلٍ، فقالوا: فُلانٌ شَهيدٌ"؛ فقال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "كلَّا"، أي: نَفى عنه النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الشَّهادةَ الَّتي تُوجِبُ له الجنَّةَ، ثمَّ بيَّنَ السَّببَ؛ فقال صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "قد رأيتُهُ في النَّارِ بعَباءةٍ" والعَباءةُ نَوعٌ من الثِّيابِ الَّتي تُلْبَسُ ويُلْتَحَفُ بها، "قد غَلَّها"، أي: سرَقَها وأخفاها من المغانمِ، ولم يُؤدِّها لتُقْسَمَ القِسمةَ الشَّرعيَّةَ.
ثمَّ قال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "قُمْ يا عمرُ، فنادِ: إنَّهُ لا يدخُلُ الجنَّةَ إلَّا المُؤمنونَ- ثلاثًا-"، أي: نادِ في النَّاسِ بها، وقد كرَّرَها النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثلاثَ مرَّاتٍ؛ لتوكيدِ الإسماعِ بها، وقد ورَدَ في حديثِ أبي هُريرةَ عند مُسلمٍ ما يدُلُّ على أنَّ الغالَّ لا يكونُ مُؤمِنًا حين يغُلُّ ويسرِقُ؛ قال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "لا يغُلُّ أحدُكم حين يغُلُّ وهو مُؤمِنٌ"، ومَن غَلَّ شيئًا فإنَّه يأتي يومَ القِيامةِ والشَّيءُ الَّذي غَلَّه معه، كما قال تعالى: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آلعمران: 161].
وفي الحديثِ: التَّشديدُ في أمْرِ الخِيانةِ والسَّرقةِ.
وفيه: أنَّ صِفَةَ الإيمانِ قد تُنزَعُ بسَببِ الأعمالِ السَّيِّئةِ.