باب ما يؤمر به من الوفاء بالنذر

باب ما يؤمر به من الوفاء بالنذر

حدثنا مسدد حدثنا الحارث بن عبيد أبو قدامة عن عبيد الله بن الأخنس عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : أن امرأة أتت النبى -صلى الله عليه وسلم- فقالت : يا رسول الله إنى نذرت أن أضرب على رأسك بالدف. قال : « أوفى بنذرك ». قالت : إنى نذرت أن أذبح بمكان كذا وكذا مكان كان يذبح فيه أهل الجاهلية. قال : « لصنم ». قالت : لا. قال : « لوثن ». قالت : لا. قال : « أوفى بنذرك ».

النذر هو إيجاب الإنسان على نفسه فعل البر لربه، ويتم الوفاء به إلا أن يكون في معصية الله، وفي هذا الحديث يخبر عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: "أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إني نذرت أن أضرب على رأسك بالدف"، أي: إذا عدت من الغزو سالما؛ فرحا بقدومك، و"الدف": الغربال المكسي بجلد من جهة واحدة إذا ضرب عليه باليد أصدر صوتا، قال: "أوفي بنذرك"، أي: أنفذيه.
وقد أقرها النبي صلى الله عليه وسلم بوفاء نذرها؛ لأنه لما اتصل به إظهار الفرح بسلامة مقدم رسول الله عليه الصلاة والسلام من بعض غزواته، وفيه مساءة الكفار وإرغام المنافقين؛ صار ذلك مثل القربات.
ثم قالت: "إني نذرت أن أذبح بمكان كذا وكذا"، مكان كان يذبح فيه أهل الجاهلية، أي: هذا المكان كان الكفار يذبحون ذبائحهم فيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لصنم؟"، أي: هل كانوا يذبحون هناك لوجود صنم يتقربون إليه؟ أو هل تنوين بنذرك أن يكون لصنم؟ "قالت: لا"، أي: ليس ذلك، "قال: لوثن؟"، أي: هل كانوا يذبحونها لوثن؟ أو هل تنوين بنذرك أن يكون لوثن؟ وهذا السؤال ليعلم النبي صلى الله عليه وسلم هل تفعله المرأة وفي اعتقادها بعض من آثار الجاهلية أم أنها تفعله لله، و"الوثن" قيل: هو الصنم، والسؤال للتأكيد، وقيل: الوثن ما كان غير مصور كالحجارة، والصنم ما كان له صورة كالإنسان وغيره، "قالت: لا، قال: أوفي بنذرك"، أي: أنفذيه
وفي الحديث: الأمر بالوفاء بالنذر الذي لا يتضمن محظورا شرعيا