باب ما يدعو به إذا دخل بيته
سنن ابن ماجه
حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، حدثنا ابن أبي فديك، حدثني هارون بن هارون، عن الأعرج
حدثنا أبو بشر بكر بن خلف، حدثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، أخبرني أبو الزبير
عن جابر بن عبد الله، أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا دخل الرجل بيته، فذكر الله عند دخوله وعند طعامه، قال الشيطان: لا مبيت لكم، ولا عشاء، وإذا دخل ولم يذكر الله عند دخوله، قال الشيطان: أدركتم المبيت، فإذا لم يذكر الله عند طعامه، قال: أدركتم المبيت والعشاء" (1)
كانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُعلِّمًا ومُربِّيًا، وكان يَهتَمُّ بأصحابهِ رَضيَ اللهُ عنهم وتَعليمِهم أُمورَ دِينِهم، ومِن ذلك تَعليمُهم الآدابَ الَّتي يَنْبغي مُراعتُها عندَ الطَّعامِ ودُخولِ البيتِ.
وفي هذا الحديثِ يُعلِّمُنا الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذِكرَ اللهِ عند دُخولِ البيتِ وذِكرَه قبْلَ تناولِ الطَّعامِ؛ وأنَّه إذا دخلَ الرَّجلُ بَيتَه، ومَسكَنه الَّذي يَبيتُ فيه فَذكرَ اللهَ كقولِه: (باسمِ اللهِ) عندَ أوَّلِ دُخولِه لبَيتِه وعندَ بَدْءِ طَعامِه، قال الشَّيطانُ لأتْباعِه وإخوانِه وأعوانِه ورفقتِه: «لا مَبيتَ»، أي: لا مكانَ لكم تَبِيتون فيه ولا مُقامَ ولا مَرقَدَ ولا عَشاءَ في هذا المكانِ؛ فإنَّكم حُرِمْتُم منهما؛ فقدْ تَحصَّنَ صاحبُه منكم بذِكرِ اللهِ تَعالَى.
وأمَّا إذا دخَلَ الرَّجلُ فلم يَذكُرِ اللهَ عندَ دُخولِه البيتَ ولا عندَ تَناولِه الطَّعامَ، فيُخبِرُ الشَّيطانُ أعوانَه أنَّهم أدركوا المَبيتَ، والمرقدَ والعَشاءَ في هذا البيتِ.
ويَتضمَّنُ ذِكرُ اسمِ اللهِ عندَ دُخولِ البيتِ وعندَ تَناولِ الطَّعامِ اعترافًا مِن العبدِ بأنَّ هذا البيتَ، وهذا الطَّعامَ ليْس له فيه سَبيلٌ إلى تَحصيلِه إلَّا بفَضلٍ مِن اللهِ تَعالَى، وتَيسيرٍ وتَسخيرٍ منه، ومَتى فَعَلَ ذلك صارَ فِعلُه كلُّه طاعةً للهِ عزَّ وجلَّ وعِبادةً، وأصبَحَ وَثيقَ العَلاقةِ برَبِّه سُبحانه وتَعالَى، وصار مِن الشَّاكرِين.
وفي الحديثِ: فضْلُ ذِكرِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وأنَّه سَببٌ لصَرفِ الشَّيطانِ.
وفيه: انتهازُ الشَّيطانِ حالَ الغَفلَةِ مِنَ الإنسانِ.
وفيه: ثبوتُ أكْلِ الشَّيطانِ..