حدثنا عبد الله بن أبي زياد قال: حدثنا سيار قال: حدثنا جعفر بن سليمان قال: حدثنا ثابت، وعلي بن زيد، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كم من أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره منهم البراء بن مالك»: «هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه»
فَضْلُ اللهُ سُبحانه وتَعالى على عِبادِه عظيمٌ، وهو يُعطي فَضْلَه من يَشاءُ بعِلمِه وحِكمتِه سُبحانَه، وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "كم مِن أشعَثَ" والأشعثُ: الذي يكونُ شَعرُ رَأسِه مُتفرِّقًا، غَيرَ مَدهونٍ، "أغبَرَ" وهو الذي أصابَه الغُبارُ حتَّى تغيَّرَ ظاهرُ لونِه، "ذي طِمْرينِ" الطِّمرُ: هو الثَّوبُ الخَلِقُ البالي، "لا يُؤبَهُ له"، أي: لا يُحْتَفَلُ به؛ لِحَقارتِه، "لو أقسَمَ على اللهِ"، أي: لو أقسَمَ على فِعلِه سُبحانَه بأنْ حَلَفَ أنَّ اللهَ يَفعَلُ كَذا أو لا يَفعَلُه، "لَأبَرَّه"، أي: لَصَدَقَه وصدَقَ يَمينَه، وأبرَّهُ فيها بأنْ يأتيَ بما يُوافِقُه، "منهم البَراءُ بنُ مالكٍ" وهو أخو أنسِ بنِ مالكٍ لأبويهِ، وقدْ روَى أنسُ بنُ مالكٍ فيما أخرجَهُ التِّرمذيُّ: "ثمَّ إنَّ البَراءَ لقِيَ زَحفًا مِن المُشركين، وقد أوقَعَ المُشرِكون بالمُسلِمين، فقالوا: يا بَراءُ: إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: لو أقسمْتَ على ربِّك لَأبرَّك، فأقْسِمْ على ربِّك، فقال: أقسمْتُ عليك يا رَبِّ لَمَا مَنحتَنا أكْتافَهم، فمُنِحوا أكتافَهم، ثمَّ الْتقَوا على قَنطرةِ السُّوسِ، فأوْقَعوا في المُسلمين، فقالوا: أقسِمْ يا بَراءُ على ربِّك، فقال: أُقسِمُ عليك يا رَبِّ لَمَا مَنحتَنا أكتافَهم، وألْحَقْتَني بنَبيِّك، فمُنِحوا أكتافَهم، وقُتِلَ البَراءُ شَهيدًا"!
وفي الحديثِ: مَنقبةٌ ظاهرةٌ للبَراءِ بنِ مالكٍ رضِيَ اللهُ عنه.
وفيه: بَيانُ فضْلِ اللهِ على الضُّعفاءِ الطَّائعينَ مِن عِبادِه .