باب من أدرك ركعة من العصر قبل الغروب 2
بطاقات دعوية
عن عبدِ اللهِ (بن عمر) أنه سمعَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -[وهو قائم على المنبر] يقولُ: "إنما بقاؤُكم فيما سلفَ قبلَكم من الأُممِ، كما بينَ صلاةِ العصرِ إلى غروبِ الشمسِ، أُوتيَ أهلُ التَّوراةِ التَّوراةَ، فعمِلوا [بها]، حتى إذا انتصَفَ النهارُ عجَزوا، فأُعطوا قيراطاً قيراطاً، ثم أُوتيَ أهلُ الإنجيلِ الإنجيلَ، فعمِلوا [به] إلى صلاةِ العصرِ، ثم عجَزوا، فأُعطوا قيراطاً قيراطاً، ثم أُوتينا الْقرآنَ فعمِلنا [به] إلى غروبِ الشمسِ، فأُعطينا قيراطَيْنِ قيراطَيْنِ، فقالَ أهلُ الكتابَيْنِ: أَي ربَّنا! أَعطيتَ هؤلاءِ قيراطَينِ قيراطَينِ، وأعطيتَنا قيراطاً قيراطاً، ونحنُ كنَّا أكثرَ عملاً (وفي طريقٍ: إنما أجلكم في أجل من خلا من الأُمم ما بينَ صلاةِ العصرِ إلى مغربِ الشمسِ، وإنما مثلُكم ومثلُ اليهود والنصارى كرجل استعمل عُمّالاً، فقالَ: من يعملُ لي [من غدوةِ] إلى نصف النهار على قيراط قيراط؟ فعملت اليهودُ إلى نصف النهارِ على قيراط قيراط، ثم قال: من يعمل لي نصفَ النهار إلى صلاةِ العصر على قيراط قيراط؟ فعمِلَت النصارى من نصف النهار إلى صلاةِ العصر على قيراط قيراط، ثم قال: من يعمل لي من صلاةِ العصر إلى مغربِ الشمسِ على قيراطين قيراطين؟ قال: ألا فأنتم الدَّين يعملون من صلاةِ العصر إلى مغربِ الشمس علي قيراطين قيراطين، قال: ألا لكم الأَجْرُ مرتين، فغضِبت اليهود والنصارى، فقالوا: [مالَنا] نحن أكثر عملاً وأقل عطاءً؟) قالَ اللهُ: هلْ ظلمتُكم من أجرِكم من شيء؟ قالوا: لا، قالَ: فهو فضْلي أوتيهِ من أشاءُ".
كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُظهِرُ فَضلَ أُمَّةِ الإسلامِ على ما سَبَقَ مِنَ الأُمَمِ مِنَ اليَهودِ والنَّصارى؛ وذلك لِحُسنِ استِجابَتِهم لِأوامِرِ اللهِ ورَسولِه.
وفي هذا الحَديثِ يَروي عَبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه سَمِعَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقولُ: «إنَّما بَقاؤُكم فيما سَلَفَ قَبلَكم مِن الأُمَمِ» مِن أتْباعِ موسى وعيسى عليهما السَّلامُ، «كما بَيْنَ صَلاةِ العَصرِ إلى غُروبِ الشَّمسِ»، وهذا إشارةٌ إلى قُربِ قِيامِ السَّاعةِ، ومَثَلٌ ضَرَبَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِعَمَلِ هذه الأُمَمِ الثَّلاثِ؛ فأُعطِيَ أهلُ التَّوراةِ -وهُمُ اليَهودُ- التَّوراةَ، وهي الكِتابُ الذي أنزَلَه اللهُ سُبحانَه على موسى عليه السَّلامُ، فعَمِلوا بما فيها، حتى إذا انتَصَفَ النَّهارُ عَجَزوا وقَصَّروا عنِ استِيفاءِ عَمَلِ النَّهارِ كُلِّهِ، فأعْطى اللهُ كُلًّا منهم أجْرَه قِيراطًا قِيراطًا.ثم أُعطِيَ أهلُ الإنجيلِ -وهُمُ النَّصارى- الإنجيلَ، وهو الكِتابُ الذي أنزَلَه اللهُ سُبحانَه على عيسى عليه السَّلامُ، فعَمِلوا بما فيه إِلى صَلاةِ العَصرِ، ثم عَجَزوا وانقَطَعوا عنِ العَمَلِ، فأُعطوا أجْرَهم قِيراطًا قِيراطًا.ثمَّ أُوتينا -نَحْنُ أُمَّةَ الإسلامِ- القُرآنَ، فعَمِلْنا إلى غُروبِ الشَّمسِ، فأَعْطانا اللهُ أجْرَنا قِيراطَيْنِ قيراطَيْنِ، وهو ضِعفُ أجْرِ الأُمَمِ السَّابِقةِ.فقال أهلُ الكِتابَيْنِ -وهُمُ اليَهودُ والنَّصارى-: أيْ رَبَّنا، أعطَيْتَ هؤلاء قيراطَيْنِ قيراطَيْنِ، وأعطَيْتَنا قيراطًا قِيراطًا، ونَحنُ كُنَّا أكثَرَ عَمَلًا؟! أيْ: أعطَيْتَهم أكثَرَ مِنَّا وهُم أقَلُّ عَمَلًا مِنَّا! فقال لهُمُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: هل ظَلَمتُكم فنَقَصتُكم مِن أجرِكم مِن شَيءٍ؟ قالوا: لا، لم تَنقُصْنا مِن أجْرِنا شَيئًا. قال: فكُلُّ ما أُعطيه مِنَ الثَّوابِ فَضْلي، أُوتيه مَن أشاءُ.
وفي الحَديثِ: تَفضيلُ هذه الأُمَّةِ، وكَثْرةُ أجْرِها مع قِلَّةِ عَمَلِها.
وفيه: أنَّ الأعمالَ بالخَواتيمِ.