باب من دعي إلى طعام وهو صائم 1
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن الصباح، قالا: حدثنا سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد، عن الأعرج
عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا دعي أحدكم إلى طعام وهو صائم، فليقل: إني صائم" (1).
كانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم حَريصًا عَلى حُسنِ العِشرةِ بيْنَ المُسلمينَ، وعَلى التَّأليفِ بيْن قُلوبِهم وإِدامةِ المَودَّةِ بيْنَهم؛ ولذلكَ جَعَلَ إجابةَ الدَّعوةِ حقًّا للمُسلمِ عَلى أَخيهِ المُسلمِ؛ حتَّى يَتواصَلَ المُسلمونَ ويَجتمِعوا.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: «إِذا دُعِيَ أَحدُكم إلى طَعامٍ»، والمرادُ به مُطلَقُ الطَّعامِ، سواءٌ كان وَليمةً أو غيْرَها، «وهوَ صائمٌ» نفْلًا أو قَضاءً أو نَذرًا، فأرشَدَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم الصَّائمَ إلى أنْ يُوضِّحَ حالَه: «فَلْيَقُلْ: إنِّي صائمٌ» اعتِذارًا للدَّاعي، وإعلامًا بحالِه أنَّه صائمٌ ولنْ يَستطيعَ الأَكلَ مِن طَعامِه.
ولْيُعلِمْ أَخاه المُسلمَ الدَّاعيَ أنَّ امتناعَه ما كانَ إلَّا لأَجلِ صَومِه، لا لأنَّه تَحرَّجَ مِن أنْ يَأكُلَ طَعامَه، وكانَ مِن عادةِ العربِ أنَّهم إذا أَضْمَروا لأَحدٍ شَرًّا لم يَأكُلوا مِن طَعامِه. وَقد جاءَ في صَحيحِ مُسلمٍ عَن أَبي هُريرةَ رَضِي اللهُ عنه قال: قالَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: «إِذا دُعِيَ أَحدُكم فَلْيُجِبْ، فإنْ كانَ صائمًا فلْيُصلِّ -أي فلْيَدْعُ-، وإنْ كانَ مُفطِرًا فلْيَطْعَمْ».
وَفي الحَديثِ: أنَّه لا بأْسَ بإِظهارِ العِبادةِ النَّافلةِ -كالصَّلاةِ والصَّومِ وغَيرِهما- إذا دَعتْ إليهِ حاجةٌ.