باب هل لقاتل مؤمن توبة؟ 1
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن الصباح، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمار الدهني، عن سالم بن أبي الجعد، قال:
سئل ابن عباس: من قتل مؤمنا متعمدا ثم تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى؟ قال: ويحه، وأنى له الهدى؟ سمعت نبيكم - صلى الله عليه وسلم - يقول: "يجيء القاتل، والمقتول يوم القيامة متعلق برأس صاحبه، يقول: رب سل هذا لم قتلني؟ " والله، لقد أنزلها الله عز وجل على نبيكم، ثم ما نسخها بعدما أنزلها (1).
حرَّم اللهُ سبحانه سفْكَ الدِّماءِ المعصومةِ بغيرِ حقٍّ، وتَوعَّد مَن سفَكَها عمْدًا بالعذابِ الأليمِ.
وفي هذا الأثَرِ يقولُ التَّابعيُّ سالمُ بنُ أبي الجَعْدِ: "سُئِل ابنُ عبَّاسٍ عمَّن قتَل مؤمِنًا مُتعمِّدًا، ثمَّ تاب وآمَن وعَمِل صالِحًا ثمَّ اهتَدى"، فقال ابنُ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عنهما: "وَيْحَه!"، وهي كلمةُ تَرحُّمٍ وتَوجُّعٍ، تُقالُ لِمَن وقَع في هَلَكةٍ لا يَستحِقُّها، "وأنَّى له الهُدَى؟!"، أي: ومِن أين له الهدى؟! "سَمِعتُ نبيَّكم صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يقولُ: يَجيءُ القاتِلُ والمقتولُ يومَ القيامةِ متعلِّقٌ برأسِ صاحبِه"، أي: برأسِ القاتلِ، "يقولُ: رَبِّ، سَلْ هذا لِم قتَلَني"، قال ابنُ عبَّاسٍ: "واللهِ، لقد أنزَلَها اللهُ عزَّ وجلَّ على نبيِّكم، ثمَّ ما نسَخَها بعدَما أنزَلَها"، أي: آيةَ {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93]، ظاهِرُه أنَّه لا توبةَ لِقاتِلِ النَّفْسِ المؤمِنةِ عَمْدًا، وقولُ ابنِ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عنهما بعَدَمِ النَّسخِ في تلك الآيةِ محمولٌ على التَّغليظِ منه، والتَّحذيرِ من القَتْلِ، والتَّورِيَةِ في المنعِ منه.
وفي الحديثِ: بيانُ عِظَمِ أمْرِ الدَّمِ، وقَتلِ المؤمِنِ بغيرِ حَقٍّ.