باب وقت صلاة الفجر 3
سنن ابن ماجه
حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا الأوزاعي، حدثنا نهيك بن يريم الأوزاعي
حدثنا مغيث بن سمي، قال: صليت مع عبد الله بن الزبير الصبح بغلس، فلما سلم أقبلت على ابن عمر، فقلت: ما هذه الصلاة؟ قال: هذه صلاتنا كانت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر، فلما طعن عمر أسفر بها عثمان (1).
الصَّلاةُ عبادةٌ تَوقيفيَّةٌ، وقد بيَّن النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أوقاتَها وأوَّلَ ابتِدائِها وآخِرَ انتِهائِها لكلِّ صلاةٍ، وقد حرص الصحابة رضِيَ اللهُ عنهم على اتِّباعِ سُنَّتِه صلَّى الله عليه وسلَّم.
وفي هذا الخبَرِ يَقولُ مُغيثُ بنُ سُمَيٍّ: "صلَّيتُ مع عبدِ اللهِ بنِ الزُّبيرِ الصُّبحَ بغَلَسٍ"، أي: والغلَسُ: ظُلمةُ آخِرِ اللَّيلِ وبِدايةُ طُلوعِ الفَجرِ، والمرادُ أنَّهم صلَّوْها في أوَّلِ وقْتِها، "فلمَّا سلَّم أقبَلتُ على ابنِ عُمرَ فقلتُ: ما هذه الصَّلاةُ؟"، إشارةً إلى أنَّهم لم يَعهَدوا مِثلَ هذه الصَّلاةِ في هذا الوقتِ، قال عبدُ اللهِ بنُ عُمرَ رَضِي اللهُ عَنه: "هذه صَلاتُنا كانَت مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم وأبي بكرٍ وعُمرَ"، أي: كانوا يُبكِّرون بصَلاةِ الصُّبحِ، "فلمَّا طُعِن عُمرُ أسفَرَ بها عُثمانُ"، أي: فلَمَّا طُعِنَ عُمَرُ بِسَببِ ظُلْمةِ ذلك الوقتِ، خافَ عُثمانُ فجَعَل وقْتَها حينَ وضَحَ وظَهَر ضَوءُ النَّهارِ، وهو ما يُسمَّى بالإسفارِ، ووافَقَه الصَّحابةُ على ذلك للمَصلَحةِ المذكورةِ؛ لأنَّ ذلك هو الأَولى مِن التَّغْليسِ حينَ رأَوُا انتِفاءَ تلك المصلَحةِ، مع بقاءِ مشروعيَّةِ الصَّلاةِ بغَلَسٍ في أوَّلِ وقتِها في الظُّلمةِ، وقد فعَل النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كِلا الأمرَينِ.