باب من اكتحل وترا
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا سماك بن حرب، عن علقمة بن وائل الحضرمي
عن طارق بن سويد الحضرمي، قال: قلت: يا رسول الله، إن بأرضنا أعنابا نعتصرها، فنشرب منها؟ قال: "لا" فراجعته، قلت: إنا نستشفي به للمريض. قال: "إن ذلك ليس بشفاء، ولكنه داء" (2)
أحَلَّ اللهُ عزَّ وجلَّ لنا الطَّيِّباتِ، وحرَّمَ علينا الخبائِثَ، وأمَرَنا بأنْ نَحفَظَ عُقولَنا؛ فإنَّها مَناطُ التَّكليفِ، وشُربُ الخمرِ مِن أكبرِ الكبائرِ، ومِن أعظمِ المُوبِقاتِ في الإسلامِ؛ لأنها مُذهِبةٌ للعَقلِ.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي وائلُ بنُ حُجرٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ طارِقَ بنَ سُوَيدٍ الجُعْفيَّ رَضيَ اللهُ عنه سَأَلَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَن حُكمِ الخَمرِ، فنَهاهُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أو كَرِهَ أنْ يَصْنَعَها، وهذا يُبيِّنُ أنَّ النَّاسَ كانوا قبْلَ تَحريمِ الخَمْرِ يَشرَبونها عَلى كُلِّ حالٍ، يَشرَبونها للسُّكرِ، ويَشرَبونها للتَّداوي بِها، وغَيرِ ذلك، فلَمَّا حُرِّمتِ الخَمرُ شَدَّدَ الإسلامُ في كُلِّ استِعمالاتِها ومَنَعَ مِن شُرْبِها على شَتَّى الوُجوهِ؛ حَتَّى لا يَتعلَّلَ أحدٌ أو يَتمارَضَ ويَشْرَبَها، فَسَدَّ كُلَّ المنافِذِ إِلى اتِّخاذِها وصُنعِها؛ ولذلكَ لَمَّا سُئلِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عنِ التَّداوي بها، ولَيسَ لِمُجرَّدِ شُرْبِها للإسكارِ، فأخبَرَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إنَّ الخمرَ ليسَت بِدواءٍ، ولكنَّها داءٌ، أي: بلْ ما يَقَعُ منها مِن ضَرَرٍ في شُربِها أكبرُ وأعظمُ مِن فَوائدِها، وعندَ ابنِ حِبَّانَ: «إنَّ اللهَ لم يَجعَلْ شِفاءَكم في حَرامٍ».
وفي الحديثِ: النَّهيُ عنِ التَّداويِ بالخَمرِ، وأَنَّها لَيستْ بِدَواءٍ.
وفيه: دَليلٌ على أنَّ الخَمرَ دَاءٌ.