باب {وليضربن بخمرهن على جيوبهن}
بطاقات دعوية
عن صفية بنت شيبة أن عائشة - رضى الله عنها - كانت تقول:
895 - [يرحم الله نساء المهاجرات الأول ,] لما نزلت هذه الآية: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن}؛ أخذن أزرهن فشققنها (وفي رواية: شققن مروطهن) من قبل الحواشى فاختمرن بها.
الإسلامُ دِينُ السَّترِ والصِّيانةِ والعَفافِ، وقدْ أمَرَ بسَتْرِ جسَدِ المرأةِ، وأمَرَ بالحِجابِ والثِّيابِ السَّابِغةِ الَّتي لا تُظهِرُ جسَدَها، ولا تُفصِّلُ أجْزاءَه؛ حِفظًا لها، وصِيانةً للمُجتمَعِ كلِّه مِن آثارِ التَّبرُّجِ والسُّفورِ الخَطيرةِ المُهلِكةِ للمُجتمَعاتِ.
وفي هذا الحَديثِ تُثني أمُّ المُؤمِنينَ عائشةُ رَضِيَ اللهُ عنها على المؤمناتِ السَّابقاتِ في الهجرةِ، فتترحَّم عليهنَّ، وتَضرِبُ بهِنَّ المَثَلَ في سُرعةِ استِجابتِهِنَّ لِأوامرِ اللهِ عزَّ وجلَّ؛ وذلك أنَّه لَمَّا أمَرَ اللهُ عزَّ وجلَّ النِّساءَ بالحِجابِ، في قولِه تعالَى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31]، والخِمارُ: وهو ما تغَطِّي به المرأةُ رأسَها وعُنُقَها وصَدْرَها، والجُيوبُ: جمعُ جيبٍ، وهو فتحةٌ في أعلى الثِّيابِ يبدو منها بعضُ صَدْرِ المرأةِ وعُنُقِها. ومعنى الآية: وعلى النِّساءِ المؤمناتِ أن يَستُرْنَ رُؤوسَهنَّ وأعناقَهنَّ وصدورَهنَّ بخُمُرِهنَّ؛ حتى لا يطَّلِعَ أحدٌ من الأجانِبِ على شيءٍ من ذلك.
تقولُ أمُّ المُؤمِنينَ عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها: «شَقَّقْنَ مُرُوطَهُنَّ»، والمُروطُ: أكْسِيةٌ مُعلَّمةٌ تكونُ من حريرٍ، وتكونُ من صُوفٍ، والمرادُ بها: الإزارُ، وهو المُلاءةُ الخاصَّةُ بالنِّساءِ. «فاخْتَمَرْنَ بِها» أي: اسْتَخْدَمْنَها لغِطاءِ رُؤوسِهنَّ ووُجوهِهنَّ وسَتْرِ ما أمَرَ اللهُ به.
وفي الحَديثِ: مَنقبةُ الصَّحابيَّاتِ المهاجراتِ الأوائلِ وسُرعةُ استجابتِهنَّ لأمرِ اللهِ تعالَى.
وفيه: أنَّ المؤمنَ الحقَّ لا يَسألُ عن العِلَّةِ والسَّببِ في أوامرِ الشَّرعِ ليستجيبَ لها، بل يُبادِرُ بالاستجابةِ وإن لم تظهَرْ له العِلَّةُ والسَّبَبُ.