باب: ومن سورة بني إسرائيل3
سنن الترمذى
حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي قال: حدثنا أبو تميلة، عن الزبير بن جنادة، عن ابن بريدة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لما انتهينا إلى بيت المقدس قال جبريل بإصبعه، فخرق به الحجر، وشد به البراق»: «هذا حديث غريب»
رِحْلةُ الإسراءِ والمعراجِ مِن المعجزاتِ الكبرى للنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم الَّتي تجلَّى فيها وظهَر فضلُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ومَقامُه عندَ اللهِ عزَّ وجلَّ، كما ظهَرَت قدرةُ اللهِ في خَلْقِه، وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "لَمَّا انتَهَينا"، أي: لَمَّا أَسْرى جبريلُ عليه السَّلامُ بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، مِن مكَّةَ ووصَلوا "إلى بيتِ المَقدِسِ، قال جِبريلُ بإصبَعِه"، أي: أشار به، "فخرَق به الحجرَ"، أي: ثقَبَه وجعَل فيه مِثلَ الحَلْقةِ، "وشدَّ به البُراقَ"، أي: أوثَقه وربَطه بالحجَرِ، والبراقُ: هو الدَّابَّةُ الَّتي أسرَتْ بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مِن مكَّةَ إلى بيتِ المقدِسِ، وهو عبارةٌ عن دابَّةٍ أقلَّ في حَجمِها مِن البغلِ وأعلى مِن الحمارِ، خَطْوتُه عندَ أَقْصى طَرْفِه، ففي هذه الرِّوايةِ أنَّ جبريلَ هو الَّذي ربَط البُراقَ، ولكن ورَد أيضًا أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم هو الَّذي ربَط البُراقَ في حَلْقةِ بابِ المسجدِ، وأنكَر حُذيفةُ بنُ اليمانِ رَضِي اللهُ عَنه ذلك، وقال: تُحدِّثون أنَّه ربَطه! أخافَ أن يَفِرَّ منه وقد سخَّره له عالِمُ الغيبِ والشَّهادةِ؟ قيل: والْمُثبِتُ مُقدَّمٌ على النَّافي؛ فيكون مَن أثبَت ربْطَ البُراقِ، والصَّلاةَ في بيتِ المقدسِ معَه زيادةُ عِلْمٍ على مَن نفى ذلك؛ فيكونُ أَوْلَى بالقَبولِ، ويُجابُ عمَّا قاله حُذيفةُ رضِيَ اللهُ عنه: بأنَّ الرَّبطَ كان للتَّشريعِ بتَعاطي الأسبابِ، وتَعليمًا للأمَّةِ بذلك، لا للخَوفِ مِن فِرارِه.